كشف عز الدين ميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، أن وزارته مازالت تتعامل مع تبعات ما يُعرف بـ”ملف قيلش”، الذي هزّ الثقة في مسالك الماستر بعد الكشف عن شبهات متاجرة بالشهادات بكلية الحقوق بأكادير. وقال الوزير خلال اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب:
“عانيتُ من ملف قيلش السنة الماضية وما زلت أعاني إلى اليوم”، مضيفًا أن هذه القضية كانت من الأسباب المباشرة وراء تشديد شروط الولوج إلى الماستر خلال الموسم الجامعي الحالي.
وأوضح ميداوي أن الوزارة سارعت، بعد تفجر الفضيحة، إلى تعديل مجموعة من المساطر داخل الجامعات، بهدف “ضمان الشفافية وتوزيع المسؤوليات”، مؤكداً أنه تم تعزيز صلاحيات رؤساء الشعب حتى لا تبقى الكلمة الأخيرة في يد منسقي الماسترات وحدهم.
وفي عرضه حول الدخول الجامعي 2025-2026، أشار الوزير إلى أن الهدف هو “تعميم الولوج إلى الماستر تدريجياً” مبرزاً أن عدد الطلبة المسجلين في هذا السلك بالمغرب لا يتجاوز 45 ألفاً، مقابل أكثر من نصف مليون بفرنسا، ما يعكس ـ حسب تعبيره ـ “ضعف العرض التكويني مقارنة بالحاجيات الحقيقية”.
كما كشف ميداوي عن مجموعة من الإجراءات الجديدة في الإصلاح البيداغوجي، من بينها تعزيز الوحدات المعرفية واللغوية، وتعميم تدريس وحدة باللغة العربية، وأخرى بلغة أجنبية مختلفة عن لغة التكوين الأصلية، إلى جانب اعتماد وحدات خاصة بالمهارات الرقمية واللغات التواصلية.
وأشار الوزير إلى أن الإصلاح الجديد يهدف أيضاً إلى إدماج فئات خاصة من الطلبة مثل الموظفين، والأجراء، والرياضيين، والفنانين، والطلبة المقاولين، من خلال اعتماد أنماط تعليم مرنة تُمكّنهم من متابعة دراستهم دون الاصطدام بإكراهات الزمن المهني.
وفي سياق متصل، تحدث ميداوي عن تنويع العرض الجامعي، موضحاً أن الموسم الحالي يشهد اعتماد 2586 مسلكاً معدلاً و366 مسلكاً جديداً، إضافة إلى 100 مسلك في إطار “الباشلور في التكنولوجيا”، مع رفع نسبة الولوج إلى الماستر من 30 إلى 50 في المائة، تماشياً مع حاجات سوق الشغل.
وأكد الوزير أن التكوين بالتناوب أصبح خياراً استراتيجياً، بعد وضع الإطار التنظيمي الخاص بـ”الطالب المتناوب”، وتوقيع شراكات مع مؤسسات اقتصادية لتسهيل الإدماج المهني، فضلاً عن إحداث مراكز للمسارات المهنية (Career Centers) وإطلاق مرصد وطني لتتبع الملاءمة بين التكوين وسوق العمل.
أما في ما يخص التعليم العالي الخاص، فأعلن ميداوي عن مشروع إحداث مديرية مركزية خاصة بتدبير هذا القطاع، مشيراً إلى أن الوزارة منحت اعتراف الدولة لسبع مؤسسات جديدة، وأخضعت العشرات للمراقبة الإدارية والبيداغوجية، قبل أن تسحب الترخيص من ثلاث جامعات خاصة بسبب “اختلالات جسيمة”.
وختم الوزير قائلاً إن الوزارة “تتجه نحو مرحلة جديدة من الحزم والشفافية”، مؤكداً أن الإصلاح الحقيقي للتعليم العالي “لن يتحقق إلا بربط المسؤولية بالمحاسبة وإعادة الاعتبار لقيمة الشهادة الجامعية في المغرب”.

