يقين 24/ حليمة صومعي
بينما يعيش المغاربة على وقع أزمات متلاحقة في المستشفيات العمومية، من انعدام الأدوية إلى غياب الأطباء، يواصل وزير الصحة أمين التهراوي السير في اتجاه مغاير تمامًا لتطلعات المواطنين، بإطلاق مرسوم جديد يُحدث عشر مديريات مركزية إضافية داخل الوزارة. خطوة تثير الجدل وتُفسَّر لدى كثيرين بأنها ليست إصلاحًا هيكليًا، بل عملية توسيع للنفوذ الحزبي وتوزيع للمناصب على المقربين.
كيف يمكن تبرير خلق هذا العدد من المديريات في وقت تعاني فيه المستشفيات الإقليمية من عجز صارخ في الموارد البشرية والتجهيزات؟ هل يعقل أن تُحل أزمة الصحة في المغرب عبر المزيد من المكاتب بدل تحسين الخدمات والرعاية؟
الوزير التهراوي يبدو وكأنه اختار أن يواصل ما يشبه “إعادة تدوير الولاءات”، بتحويل وزارة يفترض أن تكون عماد الأمن الصحي الوطني إلى ساحة لتعيينات محسوبة على حزب التجمع الوطني للأحرار، وفق ما تؤكده مصادر من داخل القطاع. عناوين براقة مثل “التحول الرقمي” و“الأمن السيبراني” تُستعمل لتجميل قرارات لا أثر لها على أرض الواقع، حيث يضطر المرضى يوميًا إلى التنقل مئات الكيلومترات بحثًا عن طبيب أو دواء.
ولعل المفارقة المؤلمة أن الوزير الحالي انقلب على نهج سلفه خالد آيت الطالب، الذي حاول – ولو جزئيًا – تقليص الهياكل الإدارية وترشيد النفقات. اليوم، تعود الوزارة إلى عهد “الانتفاخ التنظيمي”، في وقت تتطلب المرحلة بالضبط العكس: ترشيدًا، محاسبة، وتوجيها للموارد نحو إنقاذ ما تبقى من المنظومة الصحية.
المغاربة لا ينتظرون مديريات جديدة، بل خدمة صحية تحفظ كرامتهم. لا يطلبون ترقيات حزبية، بل طاقمًا طبيًا مؤهلًا في أقرب مستشفى. لا يحتاجون شعارات الإصلاح، بل نتائج ملموسة على الأرض.
في النهاية، يبدو أن وزارة الصحة تحوّلت إلى نموذج مصغّر لمعضلة كبرى: دولة تُدار بمنطق الحزب لا بمنطق المصلحة العامة.

