يقين 24/ حليمة صومعي
تواصل حوادث السير في المغرب حصد الأرواح بشكل مقلق، في ظل استمرار فشل الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية في تحقيق أهدافها المعلنة، رغم مرور سنوات على تولي ناصر بولعجول إدارتها. فالأسبوع الماضي وحده شهد مصرع 24 شخصًا وإصابة 3280 آخرين، بينهم 143 إصابة خطيرة، ضمن 2390 حادثة سير داخل المجال الحضري خلال الفترة الممتدة من 27 أكتوبر إلى 2 نونبر الجاري، وفق معطيات رسمية صادرة عن المديرية العامة للأمن الوطني.
ورغم ضخامة هذه الأرقام، لا تزال الوكالة التي يقودها بولعجول تكرر نفس الخطاب الإعلامي حول “التوعية والتحسيس”، دون أثر ملموس على الواقع. فبين 49 ألفًا و788 مخالفة، و8720 محضرًا أحيلت على النيابة العامة، واستيفاء أكثر من 41 ألف غرامة صلحية بمجموع يقارب 9 ملايين درهم، تبقى النتيجة واحدة: طرق دامية وخسائر بشرية متزايدة.
يصف متتبعون استمرار ناصر بولعجول في منصبه بأنه تكريس لمنطق “اللا محاسبة”، خاصة بعد أن تحولت الوكالة إلى جهاز إداري يكرر الفشل دون تقييم موضوعي أو مساءلة حقيقية. حملات التوعية، التي كان يفترض أن تكون رافعة للسلامة الطرقية، تحولت إلى شعارات موسمية، بينما يظل المواطن المغربي هو الضحية الدائمة لإهمال السياسات العمومية في هذا القطاع الحيوي.
ويؤكد مراقبون أن “القيادة الناجحة لا تقاس بعدد المؤتمرات ولا بالشعارات الإعلامية، بل بنتائج ملموسة على الأرض”، معتبرين أن استمرار بولعجول رغم توالي الحكومات وتفاقم الحصيلة البشرية، يعكس خللاً بنيوياً في منظومة الحكامة والمساءلة.
إن السلامة الطرقية ليست مجرد تقارير أو بلاغات أسبوعية، بل مسؤولية وطنية تستوجب إرادة سياسية قوية وإدارة ميدانية ناجعة. والمغرب، وهو يطمح لتقليص ضحايا الطرق بنسبة 50% بحلول 2030، يحتاج إلى قيادة مؤهلة قادرة على ترجمة الأهداف إلى واقع، بدل الاكتفاء بتبرير الإخفاقات.
لقد حان الوقت لتجديد الدماء داخل الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، وفتح ملف التسيير والتدبير بشفافية، لأن أرواح المغاربة أغلى من أن تختزل في إحصاءات باردة تُسجَّل كل أسبوع دون تغيير في المضمون.

