حليمة صومعي
أصبحت مدينة بني ملال، التي كانت لوقت طويل توصف بأنها هامشية في الإعلام والسياسة، مدينة الأضواء بامتياز، ليس فقط بسبب موقعها الجغرافي بين الجبال والسهول، ولكن بفعل الزخم المتسارع من الأحداث والملفات والاتهامات والتحقيقات والأنشطة التي جعلت منها حديث الرأي العام المحلي والوطني على حد سواء.
فمن معرض الصناعة التقليدية الذي أضاء جوانب من الهوية الثقافية والاقتصادية للجهة، إلى الاتهامات الصريحة التي أطلقها البرلماني عبد الله المكاوي تحت قبة البرلمان، والتي فتحت أبوابًا واسعة للنقاش حول الشفافية ومحاربة الفساد داخل المؤسسات المنتخبة، لم تعد بني ملال تعيش في الظل.
مدينة الأضواء اليوم، لا تعني فقط الاحتفالات الرسمية والتظاهرات الثقافية، بل تعني أيضاً كشف المستور، وفتح الملفات الثقيلة، وتحريك المياه الراكدة. تعني مدينة تتحول إلى منبر شعبي وسياسي، تتصارع فيها الرؤى، وتتكشف فيها الحقائق، وتُصنع فيها ملامح جديدة لحكامة محلية ما تزال تبحث عن توازنها.
بلدية بني ملال، المنتخبون، الفاعلون المدنيون، الإعلام، المواطنون… كلهم باتوا تحت المجهر.
وإذا كانت الأضواء تبهج البعض، فإنها تقلق آخرين ممن اعتادوا العمل في العتمة.
إن التحول الحاصل يستحق أن يُقرأ بتمعن. فبني ملال اليوم ليست كما كانت بالأمس. هي مدينة تنهض، تتغير، تفضح، وتُنذر بتحولات عميقة في العلاقة بين المواطن والمؤسسة، بين الإعلام والسلطة، بين الحق والحقيقة.
فهل ستكون الأضواء مقدمة لانفراج تنموي ورقابي؟ أم أننا فقط نمر من مرحلة كشف أولي ستليها محاولات التعتيم من جديد؟
الجواب لن يأتي من فوق، بل من الناس.. من الصحافة.. من الأقلام التي لا تخشى الضوء، بل تتغذى عليه لتكشف أكثر.