شهدت أولى سهرات مهرجان بني ملال لهذه السنة حالة من الارتباك التنظيمي أثارت استياء عدد من المتتبعين والمهنيين، خاصة بعد أن طغت مظاهر الفوضى على الحدث الذي يُفترض أن يكون واجهة ثقافية وسياحية للجهة. أكثر ما لفت الانتباه خلال السهرة الافتتاحية هو العدد الكبير من الأشخاص الذين يحملون بادجات “الصحافة” دون أن تكون لهم أي علاقة بالمجال الإعلامي، مما أثّر على انسيابية التنظيم وخلق أجواء غير مريحة للفنانين والضيوف.
أشخاص انشغلوا بالتقاط الصور مع الفنانين ونشر المحتوى الترفيهي على منصات التواصل، بدل أداء مهام صحفية حقيقية، ما أفرغ الفضاء الإعلامي من محتواه المهني، وطرح علامات استفهام حول آليات منح الاعتمادات وغياب معايير واضحة لاعتماد ممثلي الصحافة.
هذه الوضعية لم تكن مفاجئة بالكامل، فقد سبق التنبيه إليها في مقال نُشر بتاريخ 25 يوليوز الجاري تحت عنوان “ارتجالية تنظيمية تربك مهرجان بني ملال وتفقده بريقه الثقافي”، والذي رصد عددًا من الملاحظات حول غياب التخطيط، تأخر الندوة الصحفية، ضعف الترويج للأنشطة الموازية، وتهميش الفعاليات ذات الطابع الثقافي أو الرياضي مقابل عروض سطحية غير مؤطرة برؤية فنية واضحة.
ورغم هذه الإخفاقات التنظيمية، لا يمكن إنكار المجهودات الكبيرة التي تبذلها جهة بني ملال خنيفرة في سبيل إنجاح هذا الحدث، وعلى رأسها السيد محمد بنريباك، والي الجهة، الذي أشرف خلال الأسابيع الأخيرة، إلى جانب رئيس الجهة، على إعطاء الانطلاقة لعدد من المشاريع التنموية المهمة بمختلف أقاليم ومناطق الجهة، في إطار رؤية تنموية متكاملة تسعى إلى تعزيز البنيات التحتية وخلق دينامية ثقافية مستدامة.
لكن هذه المجهودات تصطدم بعقليات تنظيمية لا تزال تعتمد على منطق “الترقيع” بدل الاحتراف، ما يعوق الترجمة الميدانية لهذه الاستراتيجية التنموية ويُفقد المهرجان فرصته في أن يكون نموذجًا يُحتذى به على المستوى الوطني