حطاب الساعيد
منذ سنوات، ظل مشروع الطريق السريع الرابط بين خنيفرة وأبي الجعد بمثابة أمل كبير يراود ساكنة الإقليم وممثليهم المنتخبين، نظرا لما يحمله من إمكانيات تنموية واعدة، سواء على مستوى فك العزلة عن المناطق الجبلية أو تحسين الربط الطرقي بين الأطلس والسهول، إلى جانب ما قد يتيحه من دينامية اقتصادية وسياحية طال انتظارها.
المشروع حظي في بداياته بزخم كبير، حيث تم إنجاز الدراسات التقنية الأولية، وتم إعداد اتفاقية شراكة ثلاثية جمعت وزارة التجهيز والماء، وجهة بني ملال – خنيفرة، والمكتب الشريف للفوسفاط، قصد تعبئة التمويلات الضرورية، والشروع في الأشغال في أقرب الآجال. كما أبدى نواب الإقليم الستة من مختلف التوجهات السياسية، انخراطا جماعيا في دعم المشروع، من خلال لقاء موحد مع الوزير نزار بركة عبروا خلاله عن استعدادهم لتعبئة جزء من برامج تقليص الفوارق المجالية دعما لهذا الورش الطرقي المنتظر.
غير أن هذه الدينامية اصطدمت بتوجه جديد داخل وزارة التجهيز، مع بدء التحضير لمشروع الطريق السيار مراكش – فاس عبر بني ملال وخنيفرة، في سياق الاستعدادات لتنظيم نهائيات كأس العالم 2030. هذا المستجد سرعان ما أثار المخاوف، خصوصًا مع تواتر مؤشرات رسمية تفيد بإمكانية التخلي عن مشروع الطريق السريع خنيفرة – أبي الجعد، بدعوى أن الطريق السيار الجديد سيغني عنه. وهو ما اعتبره عدد من البرلمانيين والفاعلين المحليين تبريرا غير منطقي، يكرس منطق التنافس بين المشاريع بدل تكاملها، ويعد ضربا لمبدأ العدالة المجالية التي يطالب بها سكان الأطلس المتوسط منذ عقود.
تأكيد هذه التخوفات جاء على لسان وزير التجهيز نفسه، الذي أشار في أحد التصريحات الرسمية، إلى الاكتفاء بتوسيع الطريق الجهوية رقم 710 إلى تسعة أمتار، بدل بناء طريق سريع جديد، ما شكل تراجعا صريحا عن التزامات سابقة، وأثار موجة من الاستياء في الأوساط السياسية والمدنية بالإقليم.
وفي هذا السياق، عبر النائب البرلماني السيد بادو عن حزب التجمع الوطني للأحرار عن خيبة أمله، واصفا القرار بـ”الضرب لمبدأ العدالة المجالية”، ومؤكدا أن “تنمية الأقاليم الداخلية يجب أن تُبنى على رؤية شمولية لا منطق المفاضلة بين المشاريع”. وأضاف: “إقليم خنيفرة ليس منطقة عبور بل مجال حيوي يستحق حقه الكامل في مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة. سنواصل الضغط بكل الوسائل الديمقراطية من أجل إنصاف الإقليم”.
بدوره، أعرب النائب البرلماني إبراهيم أوعبا عن حزب الحركة الشعبية عن “استغرابه من هذا التراجع”، مشيرا إلى أن “البرلمانيين قاموا بمبادرة جماعية لدعم المشروع وتمويله، وكانوا ينتظرون على الأقل إشعارا رسميا يفسر هذا التحول المفاجئ”. وأضاف أن “ما وقع يشكل خيبة أمل كبيرة لساكنة الإقليم، التي كانت تترقب تحسنا ملموسا في واقعها اليومي”.
من جانبها، شددت النائبة البرلمانية سعدية امحزون على أن “الطريق السريع كان بمثابة شريان حياة حقيقي لمنطقة جبلية في أمس الحاجة إلى العناية والاستثمار”، معتبرة أن “عدم برمجة المشروع، في الوقت الذي تشهد فيه أقاليم مجاورة إنجاز مشاريع مماثلة، يعزز مشاعر التهميش والإقصاء، ويعمق الفوارق المجالية داخل الجهة نفسها”.
في ظل هذا الوضع يتحول مشروع الطريق السريع خنيفرة – أبي الجعد إلى ما يشبه اختبارا حقيقيا لمدى التزام الدولة بمبادئ العدالة المجالية والتنمية المتوازنة، وبين حديث عن إكراهات مالية و أولويات وطنية. وتبقى أعين ساكنة اقليم خنيفرة شاخصة نحو الحكومة، في انتظار إعادة الاعتبار لهذا المشروع الذي انتقل للأسف، من خانة الأمل إلى خيبة الأمل.