تشهد العلاقة بين وزارة العدل وهيئات المحامين بالمغرب توتراً جديداً مع تقديم مشروع القانون الجديد المنظم لمهنة المحاماة، الذي أثار رفضاً واسعاً بين المحامين، خصوصاً الشباب منهم، الذين يرون أن بعض بنوده تمثل تراجعاً ملموساً يمس استقلالية المهنة ويضع عراقيل تعسفية أمام المترشحين الجدد.
وحصلت «يقين 24» على معطيات تؤكد أن عدداً من هيئات المحامين في عدة جهات بالمملكة أعربت عن رفضها لعدة مقتضيات رئيسية في المشروع، لا سيما تلك المتعلقة برفع شروط اجتياز امتحان الأهلية، التي اعتبرتها تشديداً غير مبرر يعوق عدداً كبيراً من خريجي كليات الحقوق من دخول المهنة. وفي هذا السياق، يشدد المحامون على أن هذه الشروط الجديدة تخرق مبدأ تكافؤ الفرص، الذي يعد حجر الزاوية في مبدأ العدالة الاجتماعية، والذي كفله الدستور المغربي لسنة 2011 لضمان مساواة جميع الخريجين أمام دخول المهن، دون تمييز أو حواجز تعسفية.
ويرى المحامون أن تشديد شروط الولوج إلى المحاماة سيؤدي إلى تهميش فئات واسعة من الشباب الحاملين لشهادات في القانون، وهو ما ينعكس سلباً على تنوع الجسم المهني وعلى مدى تمثيله للشرائح الاجتماعية، في حين أن تكافؤ الفرص ينبغي أن يفتح المجال أمام كل خريج طموح ليمارس مهنته بحرية وشفافية، ضمن شروط عادلة وواضحة.
بالإضافة إلى ذلك، أثارت المقتضيات الضريبية الجديدة غضب المحامين، الذين يعتبرون أن فرض اقتطاعات ضريبية إضافية دون مراعاة الفوارق في الدخل وظروف العمل، يشكل عبئاً إضافياً غير مبرر، خاصة مع ارتفاع تكاليف التجهيز والابتكار التقني الذي بات ضرورياً في المهنة.
ومن النقاط المثيرة للجدل كذلك، السماح بإخضاع مكاتب المحامين لرقابة خارجية، وهو ما تراه الهيئات المهنية تهديداً مباشراً لسرية العلاقة بين المحامي وموكله، وانتهاكاً لاستقلالية المهنة التي تعد أساساً لنجاعة العمل القضائي.
أما على صعيد تكوين المحامين الجدد، فتشير الهيئات إلى تحديات كبيرة في الإشراف على التدريب، خصوصاً في ظل غياب دعم كاف من الوزارة، ما دفعها للمطالبة بمشاركة فعلية من وزارة العدل عبر دعم مالي أو إنشاء مراكز تكوين مشتركة، على غرار المعاهد الوطنية للمهن القضائية.
ورغم الدعوات المتكررة لفتح حوار وطني شامل يشارك فيه جميع الفاعلين لإعادة النظر في بنود القانون، تبدو الوزارة متمسكة بتمرير المشروع ضمن الجدول الزمني المحدد، وهو ما قد يدفع المحامين إلى تصعيد احتجاجاتهم، بعدما سبق لهم خوض معارك مماثلة في مراحل سابقة.
ويرى محللون أن هذا الصراع يعكس أزمة ثقة عميقة بين وزارة العدل ومهنيي المحاماة، ويكشف غياب استراتيجية تشاركية فعالة في صياغة التشريعات المتعلقة بالمهن القضائية، في وقت يحذر حقوقيون من تأثيرات هذا الاحتقان على استقرار المنظومة القضائية، داعين إلى اعتماد تشريعات متوازنة تحترم استقلالية المهنة وتحفظ حقوق المحامين، مع ضمان شروط عادلة تكفل تكافؤ الفرص بين كافة الخريجين.