دخل عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، على خط الفوضى التي تعرفها أراضي الجماعات السلالية في عدد من جهات المملكة، في ظل تصاعد عمليات التلاعب بعقود الملكية والانتفاع بهذه الأراضي. وتأتي هذه الخطوة بعدما وجه لفتيت تعليمات صارمة إلى الولاة والعمال من أجل التدخل العاجل لوضع حد لما وصفه بـ«الخرق القانوني الصريح»، المرتبط بتصحيح إمضاءات عقود غير قانونية أبرمت من قبل بعض الجماعات الترابية.
ووفق وثيقة رسمية صادرة عن وزارة الداخلية، تبين أن عدداً من المحامين والكتاب العموميين يبرمون عقوداً تتعلق بأراضٍ مملوكة للجماعات السلالية، ثم يتوجهون إلى مصالح الجماعات الترابية من أجل تصحيح الإمضاء، في مخالفة واضحة للمقتضيات القانونية، لا سيما المادة 4 من مدونة الحقوق العينية، التي توجب أن تتم عقود نقل الملكية حصراً عبر الموثقين والعدول والمحامين المقبولين لدى محاكم الاستئناف، وتحت رقابة رئاسة كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية.
وتحذر الوزارة في هذه الدورية من أن هذه الممارسات غير القانونية لا تقتصر على الفاعلين القانونيين فحسب، بل تشمل أيضاً بعض رؤساء الجماعات والموظفين المكلفين بتصحيح الإمضاء، الذين يباشرون هذه العملية دون التحقق من صحة العقود أو مصدر الملكية، في تجاوز واضح لاختصاصاتهم، مما قد يعرضهم للمساءلة القانونية، خصوصاً في ظل أحكام القانون رقم 62.17 المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها.
وأكدت الوزارة أن العقود التي تُبرم بين الخواص بشأن أراضٍ سلالية، والتي يتم تصحيح إمضاءاتها بهذه الطريقة غير القانونية، تُعتبر باطلة ولا تُنتج أي أثر قانوني. ودعت الولاة والعمال إلى توجيه رؤساء المجالس الجماعية إلى الامتناع التام عن تصحيح أي عقد يتعلق بعقار جماعي أو ينقل ملكيته أو يمنح حق الانتفاع به، خارج المساطر القانونية المعمول بها.
كما نبهت الوثيقة إلى خطورة بعض العقود التي تسعى إلى نفي الصبغة الجماعية عن الأراضي السلالية، وتغيير وضعيتها القانونية بطرق ملتوية، محذرة من أن مثل هذه الأفعال قد تندرج تحت جرائم التزوير والتدليس، التي تستوجب تحريك المتابعة القضائية. ويعاقب القانون على هذه الجرائم بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، وغرامات مالية تصل إلى 100 ألف درهم لكل من شارك بأي صفة في إعداد وثائق تتعلق بتفويت أو التنازل أو الانتفاع بعقار جماعي بشكل مخالف للقانون.
ويأتي هذا التحرك الوزاري في سياق حساس يتسم بتزايد الاهتمام بملف الأراضي الجماعية، نظراً إلى ارتباطه بحقوق جماعية وتاريخية لفئات واسعة من المواطنين، وإلى كونه مجالاً تتنافس عليه مصالح استثمارية وعمرانية متسارعة، مما يجعله عرضة لمحاولات التملك غير المشروع والاحتيال عبر التزوير والتحايل.