حطاب الساعيد
جهة بني ملال-خنيفرة تواجه اليوم امتحانا حقيقيا يضع كل المسؤولين والسياسيين أمام مرآة الحقيقة. جهة تتصدر معدلات الفقر والتهميش، لكنها تتصدر أيضا قائمة المهرجانات الباذخة، حيث تصرف ملايين الدراهم على حفلات وأضواء وإعلام، بينما المواطن في القرى والمداشر يكابد غياب أبسط شروط الحياة: الماء الصالح للشرب يظل حلما مؤجلا، الكهرباء ضعيفة أو متقطعة، والطرق غير معبدة تحول التنقل إلى مغامرة خطيرة، خصوصا في مواسم الأمطار.
المدارس مكتظة، والمستشفيات تفتقر لأدنى المعدات والمرضى يقطعون عشرات الكيلومترات للوصول إلى خدمات صحية ناقصة. ومع ذلك تستثمر الموارد العامة في واجهة براقة تخفي إخفاق عشرات السنوات في التنمية الحقيقية، لتبقى المهرجانات مجرد صور احتفاء إعلامي، بينما المواطن يعيش يومه في انتظار أبسط الخدمات.
خطاب الملك محمد السادس نصره الله في عيد العرش 2025 كان صريحا وواضحا: “لا مكان لمغرب يسير بسرعتين”، فالتنمية الحقيقية تقاس بما يشعر به المواطن في حياته اليومية، لا بما يعرض على المنصات الإعلامية. جهات مثل بني ملال-خنيفرة مطالبة الآن بالاختيار: إما إعادة ترتيب الأولويات، وتوجيه الموارد نحو تحسين حياة الناس، أو الاستمرار في التزييف الإعلامي ليظل الفقر والحرمان والغبن واقعا يوميا، بينما تنفق الملايين على المهرجانات فقط لصور الاحتفاء.
هذا الامتحان ليس وقتا للتبريرات بل لحسم الاختيارات: إما أن تكون الحكومة المحلية والسياسيون شركاء حقيقيين في التنمية، أو أن تتحملوا مسؤولية استمرار جهة بأكملها في صدارة الفقر والتهميش تحت شعارات براقة لا تطعم ولا تعالج.