محسن خيير
مدينة فاس، التي لطالما عُرفت بلقب العاصمة العلمية وواحدة من أعرق الحواضر المغربية، تعيش صيفًا باهتًا خيمت عليه ملامح الركود الاقتصادي وتراجع الحركة السياحية والتجارية. ورغم رصيدها التاريخي والثقافي الغني، المصنف ضمن التراث العالمي لليونسكو، فإن المدينة تبدو أقل إشعاعًا مقارنة بوجهات سياحية مغربية أخرى نجحت في استقطاب أعداد كبيرة من الزوار خلال موسم الاصطياف.
هذا التراجع انعكس بشكل مباشر على مهنيي القطاع السياحي، من تجار المدينة العتيقة إلى أرباب المطاعم والفنادق، الذين يؤكدون أن صيف هذه السنة هو الأضعف من حيث الإقبال. ويعزو فاعلون محليون هذا الوضع إلى غياب استراتيجية واضحة للتسويق السياحي، وضعف البنية التحتية الترفيهية التي تجعل فاس أقل جذبًا للعائلات والشباب الباحثين عن فضاءات للترفيه والأنشطة الصيفية. كما أن محدودية البرامج الفنية والثقافية خلال هذه الفترة زادت من حدة الأزمة.
في خضم هذا الواقع، تتعالى أصوات مهنية واقتصادية مطالبة المسؤولين بإطلاق برامج تنشيطية قادرة على إعادة الاعتبار للمدينة. وتشمل هذه المطالب إحداث فضاءات ترفيهية جديدة، تنظيم عروض ثقافية وفنية طيلة الصيف، إطلاق حملات ترويجية قوية لتعزيز صورة فاس كوجهة سياحية متكاملة، إلى جانب تشجيع المبادرات الخاصة التي من شأنها إنعاش الحركة الاقتصادية.
ويرى المتتبعون أن فاس، بما تملكه من رصيد حضاري وحرف تقليدية ومكانة تاريخية، مؤهلة لأن تصبح عاصمة سياحية عالمية، لكن ذلك يظل رهينًا بإرادة جماعية وسياسات حديثة تستجيب لمتطلبات السياحة العائلية والترفيهية. فالأزمة التي تعيشها المدينة ليست مجرد ظرف عابر، بل مؤشر ينبه إلى ضرورة التدخل العاجل لإعادة الحياة إلى قلب التراث المغربي وجعل فاس وجهة نابضة بالحركة، بدل أن تظل محطة هامشية في خريطة السياحة الوطنية.