قررت غرفة التحقيقات المركزية بالمحكمة الوطنية الإسبانية الاستمرار في فرض المراقبة الأمنية على النفق السري المعروف إعلامياً بـ“ناركوتونيل”، والذي جرى اكتشافه في فبراير الماضي بالمنطقة الصناعية “ألبوران” المحاذية لسياج سبتة المحتلة. وسيظل المستودع الذي ينطلق منه النفق تحت أعين الأمن الإسباني إلى غاية 19 شتنبر المقبل، باعتباره “عنصراً محورياً” في مسار التحقيق.
وحسب ما أوردته صحيفة “سوتا”، فإن طلب التعاون الذي وجهته مدريد إلى الرباط منذ أشهر من أجل تحديد مخرج النفق في التراب المغربي، لم يجد إلى اليوم أي تجاوب، وهو ما يثير، وفق الصحيفة، تساؤلات محرجة حول مستوى التنسيق الأمني بين البلدين في مواجهة شبكات التهريب الدولي.
المعطيات القضائية المتوفرة تكشف تورط شبكتين إجراميتين، تم تفكيكهما مطلع العام الجاري، في استخدام النفق لتهريب أطنان من الحشيش، حيث اعترف أحد الموقوفين بوجوده، مؤكداً أن التهريب لم يقتصر على معبر “تراخال” التقليدي.
التحقيقات بينت أن النفق لم يكن خالياً من المخاطر، إذ تسببت فيضانات شتوية في غمر أجزاء منه، ما استدعى تدخل فرق الغواصين “GEAS” لاستكمال عمليات البحث، التي أسفرت عن العثور على معدات غطس وأغراض شخصية مبللة تؤكد أن الممر كان قيد الاستعمال حتى أيام قليلة قبل اكتشافه.
أما المستودع الذي أخفيت بداخله فتحة النفق، فقد تبين أنه كان مؤجراً باسم مجهول، أضحى الآن موضوع مذكرة توقيف دولية، باعتباره العقل المدبر لعملية الحفر والاستغلال. وتفيد الوثائق أن المعني بالأمر أبرم في يناير 2023 عقوداً لتأجير معدات ثقيلة عبر شركة وهمية، بينما جرى توقيف شريكته السابقة متلبسة بمحاولة تهريب 30 ألف يورو من ميناء الجزيرة الخضراء.
ورغم إغلاق السلطات الإسبانية لمدخل النفق في أبريل الماضي بشكل محكم ضمن عملية أطلقت عليها اسم “هاديس”، إلا أن القضية ما زالت مفتوحة، وأسفرت عن اعتقالات وازنة، أبرزها توقيف نائب برلماني بسبتة المحتلة يدعى محمد علي دعاس، إلى جانب عنصرين من الحرس المدني.
القضية التي بدأت بملاحظة الحرس المدني لاختفاء متكرر لشحنات خلال عمليات تفتيش روتينية، تحولت إلى ملف أمني وقضائي شائك يضع التعاون المغربي الإسباني في مواجهة اختبار صعب، ويكشف في الوقت نفسه عن ابتكار شبكات التهريب لطرق جديدة لاختراق الحدود.