حليمة صومعي
اهتزت مدينة بني ملال مساء السبت 16 غشت 2025 على وقع حادثة سير مروعة أودت بحياة الشرطي الشاب يوسف كاريش، إثر اصطدام دراجته النارية الخاصة بدراجة أخرى من نوع “كاواساكي” كان يقودها شاب يبلغ من العمر 26 سنة، من ذوي السوابق القضائية المرتبطة بتجارة المخدرات والاعتداءات الجسدية.
الحادث لم يكن مجرد اصطدام عابر، بل كشف مرة أخرى عن الوجه الخطير لانتشار الدراجات النارية ذات السرعة الكبيرة بين بعض الشباب، والتي تحولت من وسيلة نقل إلى أداة تهور واستهتار بالقوانين، تاركة خلفها ضحايا أبرياء وأسرًا مكلومة.
المعطيات الأولية تشير إلى أن المشتبه فيه ارتكب تجاوزا خاطئا تسبب في الحادث، قبل أن يلوذ بالفرار تاركا دراجته وسط الطريق، في سلوك يكرّس انعدام المسؤولية والاستهانة بأرواح الآخرين. غير أن يقظة المصالح الأمنية مكنت من توقيفه في وقت وجيز، حيث جرى نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج، على أن يُقدَّم لاحقا أمام النيابة العامة.
هذه الحادثة المؤلمة تعيد إلى الواجهة النقاش حول ظاهرة الدراجات النارية الكبيرة بمدينة بني ملال، التي باتت مصدر إزعاج وخطر حقيقي يهدد سلامة المواطنين. فبين سباقات عشوائية في الشوارع، وضجيج يقطع سكون الليل، وقيادة متهورة لا تعترف بقانون ولا بسلامة، أصبح الوضع يفرض تدخلا عاجلا من مختلف المتدخلين: سلطات أمنية، جماعات ترابية، وطبعا الأسر التي تتحمل جزءا من المسؤولية في مراقبة سلوك أبنائها.
إن رحيل الشرطي يوسف كاريش في ريعان شبابه ليس مجرد رقم يضاف إلى إحصائيات حوادث السير، بل هو جرس إنذار قوي يدعو الجميع إلى مراجعة الذات والبحث عن حلول جذرية للحد من هذه الظاهرة التي تنخر جسد المجتمع وتسرق أعمار أبنائه.
ويبقى الأمل قائما في أن تكون هذه الفاجعة المؤلمة نقطة تحول تدفع نحو اتخاذ إجراءات حازمة تضمن الأمن الطرقي وتحمي أرواح المواطنين، حتى تعود شوارع بني ملال إلى ما كانت عليه: فضاء للأمان والطمأنينة، لا مسرحا للفوضى والموت المجاني.