اعتبر مصطفى الرميد وزير العدل والحريات السابق، أن يوم 22 غشت 2025، يعد محطة تاريخية في مسار العدالة الجنائية بالمغرب، مع الشروع في تطبيق قانون العقوبات البديلة، الذي يمثل نقلة نوعية في النظام القانوني الجنائي الوطني. وأضاف في تدوينة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، أن القانون، رقم 43.22، يكشف عن تحديث يضيف بعدا جديدا للعقوبات، ويأتي في إطار جهود شاملة لإصلاح وتحديث العدالة الجنائية.
وأبرز أنه حتى الآن، كانت العقوبات في القانون المغربي تنقسم إلى أصلية تشمل الإعدام، السجن المؤبد، السجن المحدد، الإقامة الجبرية والتجريد من الحقوق الوطنية، وعقوبات جنحية وشرطية كالحبس والغرامة، بالإضافة إلى عقوبات إضافية تضاف إلى العقوبات الأصلية.
وأكد أن القانون الجديد يُدخل فئة العقوبات البديلة التي تُطبّق بديلاً عن العقوبات السالبة للحرية خاصة ذات الطبيعة الجنحية، التي تقل مدتها عن خمس سنوات، مع استثناءات مهمة لجرائم خطيرة مثل الإرهاب، غسل الأموال، الاختلاس والرشوة.
وأشار إلى أن المغرب كان قد أوصى باتخاذ هذه الخطوة منذ سنوات، وسبق أن تم طرحها في مشاريع قانونية سابقة، وأكدها الخطاب الملكي السامي عام 2009. يأتي القانون اليوم مطبقا مع نصوص تنظيمية صدرت في 22 ماي 2025 لتنظيم آليات التنفيذ والمتابعة، وهو يتماشى مع تجارب دول أوروبية وعربية رائدة في اعتماد العقوبات البديلة لتخفيف أعباء السجون وتحسين الإدماج الاجتماعي للمحكوم عليهم.
ونبه الرميد إلى أن هناك ملاحظات هامة تستوجب الانتباه، مثل استثناء جرائم الإرهاب نظير خطورتها رغم أن بعض الجرائم ذات العقوبات الحبسية المحدودة تستحق مراجعة ما إذا كانت تستحق الاستثناء، كذلك تعامل القانون مع جرائم المخدرات الذي يبدو متناقضًا في استثناء الاتجار الدولي وعدم استثناء الاتجار المحلي رغم خطورته.
وذكر أن وجود شروط مشددة لإنفاذ العقوبات البديلة، مثل قبول المحكوم عليه بتنفيذها، وموافقة الضحية على الغرامة اليومية، مما يعزز مبدأ العدالة التصالحية.
وأوضح أن تطبيق العقوبات البديلة يتطلب تفهما عميقا من القضاء والنيابة العامة، فضلاً عن دور محوري لقاضي تنفيذ العقوبة وإدارة السجون، والذين يحتاجون إلى موارد بشرية ومادية مناسبة لضمان التنفيذ الجدي وقطع الطريق على أي محاولات للتهرب.
ودعا وزير العدل السابق، إلى تنظيم حملات توعية وتكوين مكثف لكل الفاعلين لضمان فهم دقيق وتطبيق فعال لهذا القانون.
وحسب الرميد فمن الأسئلة المنطقية التي يطرحها القانون الجديد، هي حول جدوى استمرار عقوبة الحبس الموقوف التنفيذ في ظل وجود عقوبات بديلة، وكذلك عدم إدخال المراقبة الإلكترونية كجزء من أدوات المراقبة القضائية، مما يفتح نقاشًا ضروريًا حول تطوير آليات التنفيذ بمرونة وعصرية.
وخلص المصدر ذاته، إلى أن قانون العقوبات البديلة خطوة إيجابية نحو تحديث العدالة الجنائية المغربية، رغم بعض النقاط التي تحتاج تطويرا وحوارا مستمرا من المختصين والمنتخبين والهيئات القضائية.
وشدد على أن نجاح هذا القانون مرتبط ارتباطا وثيقا بالتزام الجميع من مؤسسات رسمية ومجتمع مدني، وبضرورة توفير الإمكانات اللازمة للتنفيذ الفعلي، ليصبح الأدوات العدلية وسيلة فعالة لتحقيق العدالة والتوازن في المجتمع.