محسن خيير
حادثة إيموزار التي راح ضحيتها رجل أمن، وقبلها محاولة اعتداء مماثلة في بني ملال، كشفت أن قضية المختلين عقليًا لم تعد حوادث معزولة، بل أزمة وطنية متفاقمة.
لسنوات، اعتمدت السلطات على سياسة “الترحيل العشوائي” من المدن الكبرى نحو مدن داخلية مثل بني ملال والفقيه بن صالح وقصبة تادلة، وكأن المرضى النفسيين طرود بشرية يُراد إخفاؤها عن الأنظار. هذه المقاربة لم تُنتج سوى تراكم الخطر بدل علاجه، وحولت مدنًا بأكملها إلى مستودعات بشرية بلا رعاية ولا حماية.
الأرقام صادمة: 17% من المغاربة يعانون من مشاكل صحية نفسية، فيما لا يتجاوز عدد الأطباء النفسيين 600 طبيب والأسِرّة المخصصة للعلاج 2260 سريرًا فقط. أما الجرائم التي تورط فيها مختلون عقليًا فارتفعت من 246 حالة سنة 2023 إلى 475 حالة في 2024، ما يعكس تضاعف المخاطر بشكل مقلق.
اليوم لم يعد المواطن يقبل بيانات التطمين ولا الحلول الترقيعية. المطلوب خطة وطنية شاملة تُوقف الترحيل العشوائي، وتُنشئ مستشفيات جهوية متخصصة، وتُوفر الكوادر والموارد اللازمة. فحق المواطن في الحياة والأمان لا يحتمل التسويف.
الحقيقة واضحة: التجميل لم يعد يجدي، وكل تأخير في معالجة الملف يساوي مأساة جديدة ودماء إضافية على الأرض