حليمة صومعي
خطوة وُصفت بالهامة شهدها إقليم الفقيه بن صالح، بعدما تم الإعلان عن تخصيص 3,8 مليون متر مكعب من المياه لسقي أشجار الرمان والزيتون، استجابة لمطالب الفلاحين الذين طرقوا أبواب المسؤولين لأشهر طويلة من أجل إنقاذ ضيعاتهم من الجفاف.
هذا القرار لم يأتِ اعتباطيًا، بل جاء في سياق أزمة مائية خانقة يعرفها الإقليم، حيث تراجعت الموارد المائية بشكل ملحوظ، ما أثر على مردودية الفلاحة وأدخل المزارعين في دوامة من الخسائر المتتالية. الرمان والزيتون، وهما من أهم المنتوجات الفلاحية التي تشتهر بها المنطقة، كانا مهددين بالجفاف والاندثار لولا هذه المبادرة.
الفلاحون استقبلوا الخبر بارتياح كبير، معتبرين أن تدخل وزارة التجهيز والماء، بقيادة الوزير المعني، يعكس التفاتة عملية لمشاكلهم، ويعيد الثقة في قدرة الدولة على مواكبة همومهم. كما أن تخصيص هذه الكمية من المياه سيُساهم في إنعاش الدورة الاقتصادية، من خلال الحفاظ على آلاف فرص الشغل التي ترتبط بشكل مباشر وغير مباشر بهذين القطاعين.
لكن في المقابل، يطرح مراقبون سؤال الاستدامة: إلى أي حد يمكن أن تُعالج هذه الإجراءات العاجلة أزمة ندرة المياه؟ وهل يكفي ضخ ملايين الأمتار المكعبة من المياه لإنقاذ الموسم، أم أن المرحلة تفرض رؤية استراتيجية بعيدة المدى، قائمة على ترشيد الاستهلاك، وإعادة التفكير في طرق السقي التقليدية، وتشجيع استعمال الطاقات البديلة؟
يبقى المؤكد أن تخصيص 3,8 مليون متر مكعب لسقي أشجار الرمان والزيتون خطوة إيجابية وموضع إشادة، لكنها أيضًا جرس إنذار يذكّرنا بأن معركة الماء لم تعد مجرد ملف ظرفي، بل قضية وجودية تستدعي قرارات أكثر جرأة واستشرافًا للمستقبل.