حطاب الساعيد
باريس – دخلت قضية معاملة اليهود في فرنسا منعطفا جديدا، بعد تصريحات مثيرة أطلقها برنار كوشنير وزير الخارجية الفرنسي الأسبق، الذي حذر من تنامي مظاهر العداء لليهود في المجتمع الفرنسي. كوشنير المعروف بدفاعه عن قضايا الأقليات وحقوق الإنسان قال في ندوة فكرية بباريس إن “اليهود في فرنسا يعيشون تحت ضغط متزايد من الكراهية والتمييز” داعيا الدولة إلى اتخاذ تدابير عاجلة لحمايتهم.
هذا التصريح تزامن مع خطوة دبلوماسية غير مسبوقة حيث كشفت مصادر إعلامية أن السفير الأمريكي في باريس وجه رسالة مباشرة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم أمس عبر فيها عن “قلق واشنطن من تزايد حوادث معاداة السامية في فرنسا وتأثير ذلك على صورة البلد وعلى الجالية اليهودية”. الرسالة أثارت غضب الخارجية الفرنسية التي سارعت إلى استدعاء السفير الأمريكي اليوم للتعبير عن “استنكارها لأي تدخل في الشؤون الداخلية لفرنسا”.
الخطوة الفرنسية فهمت على أنها محاولة لقطع الطريق أمام ما قد يتحول إلى أزمة دبلوماسية بين باريس وواشنطن، خاصة في ظل المناخ الدولي المشحون بالقضايا المرتبطة بالهجرة والأقليات والأديان. مراقبون اعتبروا أن هذه الواقعة تكشف حجم حساسية الملف اليهودي في فرنسا الذي بات يتجاوز الإطار المحلي إلى دائرة العلاقات الدولية.
القضية إذن مرشحة لمزيد من التوتر خاصة إذا ما استمرت التصريحات المتبادلة أو تحولت إلى ملف مطروح على الساحة الأوروبية والدولية. وبين ضغوط الجالية اليهودية وتحركات العواصم الكبرى، يبدو أن فرنسا وجدت نفسها أمام امتحان صعب يتعلق بمدى قدرتها على التوفيق بين سيادتها الداخلية والتزاماتها الإنسانية.