حبيب سعداوي/أحمد زعيم
تعيش مدينة الفقيه بن صالح منذ سنوات على وقع جدل متصاعد بسبب عدد من المشاريع المتعثرة والمتوقفة، والتي كان من المفترض أن تشكل حلولا عملية لمجموعة من الإشكالات الاجتماعية والاقتصادية، خاصة ملف الباعة الجائلين. فقد تحولت بعض المرافق التي صرفت عليها ملايير الدراهم من المال العام إلى أماكن مهجورة وأوكار للمتشردين، بدل أن تكون فضاءات مهيأة لإحتواء هؤلاء الباعة وحمايتهم من الهشاشة والتهميش، في ظل ما وصفه حقوقيون بـ”تغول الفساد المالي والإداري وسوء التدبير لعقود”.
وفي هذا السياق، وجه مندوب المكتب الإقليمي للشبكة المغربية لحقوق الإنسان والرقابة على الثروة وحماية المال العام بإقليم الفقيه بن صالح، السيد نور الدين غولامي، انتقادات حادة للوضع القائم. وأوضح في شريط مصور نشر عبر مواقع التواصل الإجتماعي أن “الأموال العمومية تهدر في مشاريع متعثرة لا يستفيد منها أبناء المدينة”، في وقت تعيش فيه الساكنة أوضاعا اقتصادية واجتماعية متردية.
وتوقف غولامي بشكل خاص عند مشروع المركز التجاري القريب من المركب الثقافي، الذي يضم العشرات من المحلات التجارية، معتبرا أنه كان من شأنه حل إشكالية الباعة الجائلين لو تم إستكماله، بدل أن يبقى مشروعا متوقفا لسنوات، فيما يواصل الباعة معاناتهم اليومية مع مطاردات السلطات وحجز العربات، دون وجود بدائل حقيقية.
وأكد المندوب أن النخبة السياسية فشلت في تدبير هذه الملفات، مشيرا إلى أن المجلس الجماعي لم يقدم أي توضيحات للرأي العام بخصوص أسباب توقف المشروع وغيره، رغم مرور أكثر من سنتين على إنتخابه. وأضاف أن “ساكنة الفقيه بن صالح كانت تنتظر حلولا عملية، لكن الواقع يؤكد أن الحال باق على ما هو عليه، بينما تستمر معاناة المواطنين”.
كما شدد المتحدث على أن الجمعية ليست ضد تنظيم المدينة أو تحرير الملك العمومي، بل كانت من أبرز المطالبين بذلك، غير أن غياب البدائل الواقعية جعل الباعة يعودون إلى الشوارع مجددا، مستدلا بما وقع في ملف “الجوطية” التي تمت إزالتها دون توفير فضاءات بديلة، وهو ما أعاد مئات الباعة إلى دائرة الفوضى.
وطالب المندوب السلطات المختصة، وفي مقدمتها عامل الإقليم ورئيس المجلس الجماعي، بتحمل مسؤولياتهم، داعيا إلى إعتماد مقاربة تشاركية تضم السلطات والمنتخبين والجمعيات وممثلي الباعة، من أجل إنجاز مشاريع فعلية تليق بالساكنة وتوقف نزيف هدر المال العام، بدل الإكتفاء بالمهرجانات والشعارات الإنتخابية.
وفي اتصال هاتفي مع النائب الأول لرئيس المجلس الجماعي بالفقيه بن صالح، السيد محمد لفضالي، من أجل التوضيح والإجابة عن تساؤلات الشبكة الحقوقية وتنوير الرأي العام، أوضح ما يلي:
“إن المشروع يدخل ضمن أولويات البرنامج الذي قدمه السيد الرئيس خلال اليوم الوطني للمهاجر، وقد قطع أشواطا مهمة ليصل اليوم إلى مرحلة إعداد صفقة الدراسات تمهيدا لبدء الأشغال.
المشروع كان متوقفا لسنوات عديدة، وبما أنه لم يخضع في السابق للمساطر القانونية الخاصة بالحصول على رخصة البناء، كان من الضروري أولا تسوية الوضعية العقارية للمشروع وبرمجتها في دورات المجلس. كما تم عقد إجتماعات مكثفة تحت إشراف السلطة المحلية من أجل ملاءمة المشروع مع تصميم التهيئة، بالإضافة إلى إيجاد حل لعدد من المحلات التجارية الواقعة ضمن نطاق المركب الثقافي.
بعد ذلك، تم تكليف المهندس المعماري ببرمجة المشروع على المنصة الرقمية بغرض الحصول على الترخيص القانوني. وقد استغرقت هذه الإجراءات ما يقارب سنة ونصف من العمل اليومي المتواصل، لنصل اليوم إلى مرحلة الإعلان عن مسطرة إختيار مكتب الدراسات الذي سيتكلف بإعداد دفتر التحملات الخاص بصفقة استكمال الأشغال.”
رغم التوضيحات الرسمية، يبقى عدد من الأسئلة مطروحا بإلحاح من طرف الساكنة والفعاليات الحقوقية:
من يتحمل مسؤولية تعثر هذه المشاريع وتأخرها لسنوات؟
من يراقب تدبير المال العام، ومن يحاسب المتورطين في أي تجاوزات أو إختلالات؟
ما هي المدة الزمنية المتوقعة لإستكمال المشروع؟
من سيستفيد فعليا من هذه المرافق بعد إنتهاء الأشغال؟
وما هو دور السلطات المحلية والرقابية في متابعة حسن تنفيذ هذه المشاريع، ومن كان يسمح بالخروقات القانونية طيلة السنوات الماضية؟
أسئلة تبقى مفتوحة في إنتظار توضيحات شاملة وإجابات مقنعة من المسؤولين المعنيين، فيما تترقب ساكنة الفقيه بن صالح حلولا عملية تنهي مسلسل المشاريع المتعثرة وتحقق تنمية حقيقية للمدينة.