في زمن تعصف فيه الصراعات اليومية بالإنسان، وتثقل كاهله السياسات المتخبطة، تصبح الكلمة أكثر من مجرد حروف تُكتب. إنها صوت الإنسان في مواجهة الفوضى، ووسيلته للدفاع عن الحق والكرامة وسط ضجيج المصالح والتجاذبات.
فحين يخط القلم كلماتٍ تُحاكي واقع الناس، يتجاوز حدود التعبير ليصبح سلاحًا في وجه التهميش والظلم. وعندما يفكر العقل ويزنها، تتحول الكلمة إلى وعيٍ يُنير الطريق أمام المواطن ليقرأ ما وراء الخطابات والسياسات. لكن الأصدق من ذلك كله، هي الكلمة التي يكتبها القلب، تلك التي تخرج من رحم المعاناة اليومية: من طوابير الانتظار، من وجع البطالة، من صرخات المواطنين الباحثين عن عدالة اجتماعية وحياة كريمة.
أما حين تكتبها ضمائر الأحرار، فهي تتحول إلى كلمة حق في وجه كل أشكال العبث السياسي، وصرخة ضد الصراعات التي نعيشها في تفاصيلنا الصغيرة والكبيرة؛ صراعات في الأسعار، في الخدمات، في التعليم والصحة، وحتى في أبسط حقوقنا كمواطنين.
لقد أثبتت التجارب أن الكلمة أقوى من السلاح، وأنها الأداة التي تجمع الناس حول حلم مشترك، أو تكشف زيف الخطابات السياسية التي تَعِدُ ولا تُنفّذ. لهذا، فإن مسؤولية الصحافة والمثقفين والمواطنين واحدة: أن يحافظوا على نقاء الكلمة، وأن يجعلوها جسرًا للحوار، لا خندقًا للانقسام.
فالكلمة التي تُكتب بالعقل تُنير، والتي تُكتب بالقلب تُبهر، أما تلك التي تُكتب بالضمير، فهي التي تفتح أبواب الأمل وسط كل هذه الصراعات.