لم تعد النقاشات داخل مجلس جماعة أكادير مجرد جدل تقني حول طرق التدبير، بل تحولت إلى مواجهة سياسية حقيقية بعدما فجّرت المعارضة ملف «خوصصة» المرافق الجماعية، إثر إعلان المكتب المسير عن توجهه لإشراك القطاع الخاص في تسيير عدد من المرافق الحيوية بالمدينة.
الخطوة التي وُصفت من طرف المعارضة بأنها «تهريب لمسؤوليات المجلس نحو الباطرونا»، جاءت في بلاغ رسمي كشف عن عزم الجماعة ابتكار أنماط جديدة لتدبير المرافق، تشمل المتاحف، قصبة أكادير أوفلا، المسابح، المرابد، وملجأ الحيوانات الضالة، مع التفكير في صيغ خاصة للمحطة الطرقية ودار الفنون. المكتب أشار أيضًا إلى إمكانية توسيع هذا التوجه ليشمل الإنارة العمومية، النافورات، المساحات الخضراء وحتى المراحيض العمومية.
لكن عضو المجلس الجماعي عبد العزيز السلامي لم يتردد في وصف الخطوة بأنها «إقرار صريح بفشل المكتب المسير ورئيسه في الوفاء بالتزاماتهم تجاه الساكنة»، متسائلًا بحدة عن المستفيد الحقيقي من هذا التفويت، وعن جدوى الديمقراطية التمثيلية إذا كانت جماعة بحجم أكادير غير قادرة حتى على تدبير «النافورات والمراحيض».
هذا التوتر يعكس مسارًا بدأ منذ سنوات، حيث عمدت الجماعة إلى رفع يدها تدريجيًا عن المرافق العمومية لصالح شركات التنمية المحلية وشركات التدبير المفوض. المعارضة ترى أن ذلك يُعرّض الخدمات الأساسية لمخاطر كبيرة، خصوصًا أن هذه المشاريع أُنجزت بملايير السنتيمات من المال العام، ومن غير المنطقي، حسب قولها، أن تُترك إدارتها للخواص بعد كل تلك الاستثمارات.
النقاش لم يعد افتراضيًا، إذ سبق للمجلس أن فوّت تدبير أربعة مسابح بالمدينة إلى شركة «سونارجيس»، ما أثار موجة غضب واسعة بسبب رفع تكاليف الانخراط إلى 3640 درهمًا سنويًا للفرد، رغم أن الجماعة ضخت دعمًا ماليًا قدره 200 مليون سنتيم لفائدة الشركة. الحادثة التي ما زالت عالقة في الأذهان أعادت اليوم مخاوف المواطنين من أن يصبح الوصول إلى المرافق العمومية امتيازًا لمن يستطيع الدفع فقط.
في النهاية، يقف مجلس جماعة أكادير أمام معضلة حقيقية: بين تبرير سياسته بضرورة تحسين الجودة واستدامة الخدمات عبر شراكات مع القطاع الخاص، وبين اتهامات المعارضة التي ترى في هذا التوجه انسحابًا من المسؤولية وضربًا لحق الساكنة في الاستفادة من مرافق أنشئت بأموالهم. ويبقى السؤال مفتوحًا: هل هي بداية مرحلة جديدة من التدبير العصري، أم مجرد غطاء لتسليم مفاتيح المدينة إلى الخواص؟