لم يكد المجلس الحكومي يصادق على مشروع القانون المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي حتى ارتفعت أصوات الرفض داخل الجامعة المغربية. النقابة الوطنية للتعليم العالي، ومعها تنظيمات طلابية، اعتبرت أن المشروع الذي يُفترض أن يرسم ملامح السياسة العمومية في التعليم العالي، وُلد مطعونًا في شرعيته بسبب غياب الحوار مع المعنيين المباشرين.
الاجتماع الطارئ الذي عقده المكتب الوطني للنقابة بكلية العلوم بالرباط، ركّز على نقطة واحدة: مواجهة مشروع قانون 59.24. النقابة اعتبرت أن الوزير تراجع عن تعهداته السابقة، وأن تمرير المشروع دون إشراكها يعكس «مقاربة إقصائية» و«استخفافًا بدور الشركاء»، خصوصًا وأنها كانت تنتظر حلولًا ملموسة لملفات عالقة مثل الترقية والأقدمية، وإعفاء تعويضات البحث العلمي من الضرائب.
لغة البيان النقابي كانت حادة: رفض قاطع لكل نص يمس هوية الجامعة العمومية، تحذير من فرض وصاية على مؤسسات التعليم العالي، وتنديد بمحاولات ضرب مجانية التعليم وترجيح كفة الخوصصة. كما ذكّر البيان باتفاق 20 أكتوبر 2022 مع الحكومة، الذي ترى النقابة أن المشروع الجديد يجهز عليه بالكامل.
إلى جانب ذلك، وجّهت النقابة انتقادًا لدفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية، معتبرة أنه أُعدّ خارج الأطر القانونية ودون إشراك الأساتذة الباحثين، ما يشكل في نظرها خطوة إضافية نحو فرض إصلاحات من فوق.
على المستوى العملي، قرر المكتب الوطني إبقاء اجتماعه مفتوحًا، مع دعوة اللجنة الإدارية للانعقاد في 14 شتنبر لتسطير برنامج نضالي، قد يشمل إضرابات ووقفات احتجاجية، هدفه إيقاف المسطرة التشريعية للمشروع وإعادته إلى طاولة المفاوضات. كما أوصت النقابة الأساتذة الباحثين بالتريث في أي انخراط في الإصلاحات البيداغوجية إلى حين اتضاح مآلات الصراع.
المشهد الحالي يوحي أن الجامعة المغربية مقبلة على مرحلة توتر جديدة. ففي الوقت الذي تراهن فيه الحكومة على مشروع القانون لضبط حكامة التعليم العالي وتطويره، يرى الأساتذة أن النص يفتح الباب أمام تقليص استقلالية الجامعة وإضعاف دورها العمومي. وبين هذا وذاك، تبدو الساحة الجامعية على أبواب مواجهة قد تحدد ملامح إصلاح قطاع يعتبر من أعمدة التنمية الوطنية.