في أحياء أبي الجعد، لم تعد المساحات الخضراء متنفسًا يلوذ إليه السكان للراحة كما كان في الماضي، بل تحولت شيئًا فشيئًا إلى أراضٍ قاحلة وأشجار ذابلة تنتظر نهايتها بصمت. حي الداخلة، لفرديات، وبالقرب من بئر بطاح، كلها أسماء أماكن يعرفها أهل المدينة جيدًا، لكنها اليوم تحمل وجعًا مشتركًا: غياب الحياة في فضاءات كان يُضرب بها المثل في الجمال والهدوء.
الفاعلون الجمعويون والحقوقيون رفعوا الصوت عاليًا، مستنكرين صمت المجلس الجماعي. «الأشجار في طور الموت» يقول أحد السكان بحسرة، بينما يشير آخر إلى أن ما تبقى من الحدائق لا يحظى حتى بأبسط أشكال العناية، فلا أثر لعمال البستنة ولا لبرامج صيانة جدية.
غياب لجنة البيئة والمساحات الخضراء عن أداء دورها زاد من تفاقم الغضب. لجنة يُفترض أن تكون حارسة لهذا الإرث الطبيعي، لكنها تبدو غائبة أو متغافلة، ما جعل السكان يتساءلون: «إلى متى سيستمر هذا الإهمال؟ ومن يحاسب المسؤولين عن ضياع رئة المدينة؟».
المشهد العام يثير القلق: مساحات خضراء فقدت عشبها وأزهارها لتتحول إلى حقول من الأعشاب الطفيلية والأشواك. بعض الفضاءات العمومية باتت أقرب إلى مناطق مهجورة، بعدما اختار المجلس الجماعي – وفق شهادات الساكنة – «الخيار السهل» عبر تفويت الساحات والمرافق، بدل الاعتناء بها وزرع أشجار جديدة.
وسط هذا الواقع، لم تعد الحديقة الرئيسة للمدينة سوى استثناء صغير، بعد أن طالتها بعض الإصلاحات الطفيفة. أما باقي الفضاءات، فبقيت حبيسة النسيان. السكان الذين كانوا يتوجهون إليها لقضاء لحظات استراحة يجدون أنفسهم اليوم أمام مساحات مقفرة، وأخرى غطاها الإسمنت تحت شعار إعادة التهيئة.
في النهاية، يظل صوت ساكنة أبي الجعد واحدًا: «أنقذوا خضرة مدينتنا قبل أن تختفي نهائيًا». إنها رسالة احتجاج ونداء استغاثة في آن واحد، موجهة إلى المجلس الجماعي والجهات الوصية، قبل أن تضيع ما تبقى من المساحات الخضراء التي كانت يومًا عنوان جمال المدينة وروحها.