يُعد قانون العقوبات البديلة جزءًا من إصلاحات العدالة الجنائية في المغرب، ويهدف إلى معالجة مشكلة الاكتظاظ في السجون وتوفير بدائل للعقوبات السالبة للحرية. ومع ذلك، يظل جدل حول هذا القانون قائما، ويُعد مناقشة هذه القضايا جزءًا من عملية تحسين العدالة الجنائية في المغرب .
من المهم الإشارة إلى أن قانون العقوبات البديلة يعتمد على فكرة الانتقال من سياسة جنائية تعتمد عقوبات سالبة للحرية إلى سياسة جنائية تقوم على بدائل العقوبات السالبة للحرية الأكثر ملاءمة للعصر و النظريات السائدة.
أثار تنزيل مقتضيات هذا القانون جدلا واسعا داخل المجتمع المغربي عموما ، و الحقوقيين الى جانب مهني العدالة خصوصا، وذلك بسبب العديد من المقتضيات المتضمنة التي وصفت ” بعدم نجاعتها و فعاليتها” .
أصدرت مجموعة من محاكم المملكة المغربية ، أحكاما لعقوبات بديلة ، مخلفة بذلك الجدل الكبير و استياء المواطنين ، خاصة و أن هذه الأحكام سجلت غيابا تاما للتوازن القضائي بين سلطة القاضي، و مقتضيات النص القانوني ، و الحال أن للمحكمة دور رئيسي في بناءا عدالة قائمة على مبادئ العدل و الانصاف و مساواة المتقاضين أمام مرفق العدالة.
مركز “الضحية” في تفعيل مقتضيات قانون العقوبات البديلة ، سجل القانون ذاته غيابا تاما لحق الضحية في توقيع الجزاء على الطرف المحكوم عليه دون أي اعتبار له ، غير أن أحد العقوبات البديلة المتضمنة في القانون رقم 43.22، ذهبت في إطار إشراك الضحية في قبول طلب استبدال العقوبة الأصلية بالعقوبة البديلة ، من قبيل ” الإدلاء بما يفيد الصلح أو التنازل صادر عن الضحية “، هذا فيما يتعلق بعقوبة الغرامة اليومية ، مستثنيا بذلك باقي العقوبات البديلة الأخرى من قبيل ،العمل لأجل المنفعة العامة ،السوار الالكتروني و…، من أي تدخل للضحية في تفعيلها او إشراكه فيها ، والحال أن الغاية من اللجوء إلى القضاء في حال وقوع الفعل الجرمي هو حماية الطرف المتضرر ؛ الضحية، مما يعتبر هذا الأمر هدرا لحقوقه القانونية تجاه خصمه في الدعوى .
“الرقابة الإدارية “على مقررات تطبيق العقوبات البديلة ، لعل ما اعتاده القضاء في تنفيد أحكامه ، أن رقابة التنفيد الأحكام تكون تحت اشراف هيئة قضائية محضة ،الشيئ الدي لم يكن كذلك ، حيث أعطى قانون العقوبات البديلة من خلال مرسومه التطبيقي المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 19 غشت 2025 ،صلاحيات واسعة لرئيس المؤسسة السجنية في الرقابة عن طريق “التحقق من استيفاء المقررات التنفيذية للعقوبات البديلة للشروط المتطلبة قانونا “، الأمر الدي اعتبره حقوقيون و باحثون “مساسا بمبدأ استقلال السلطة القضائية ،و بحجية الأحكام القضائية ” ، خاصة وأن المؤسسة المعنية لا تنتسب للجسم القضائي.
و يظل رهان تحقيق الأمن القضائي، و التوازن بين أطراف الخصومة الجنائية من أكبر التحديات التي ستواجه العمل القضائي المغربي في تطبيقه للقانون الجديد وفي أدائه لرسالة تحقيق العدالة.
” كما يبرز دور النيابة العامة المحوري في بسط الرقابة و التتبع و التريث، في إعطاء الموافقة أو الاستغناء عن ممارسة الطعن، كلما ثبت لها إهدار أو تفريط في حقوق ضحايا الجرائم” .