حطاب الساعيد
إلى متى سيظل إقليم خنيفرة بقرة حلوب يستفيد منها الكبار بينما صغاره يتركون للجوع والهجرة واليأس؟ سؤال يفرض نفسه بقوة كلما نظرنا إلى واقع هذا الإقليم الذي يختزن ثروات طبيعية هائلة، من غابات الأرز إلى المقالع والمعادن والمياه، لكنه يظل غارقا في التهميش والفقر وكأنه أرض جرداء بلا موارد. إقليم خنيفرة الذي طالما اعتبر قلب الأطلس وسلة خضراء للبلاد، تحول إلى بقرة تحلب خيراتها لصالح فئة محدودة، بينما ساكنته تكابد من أجل أبسط شروط العيش الكريم.
المفارقة صارخة: ثروات تصدر وتستغل لصالح شركات كبرى ومسؤولين نافذين، بينما شباب الإقليم يتسكعون في المقاهي بلا أفق، أو يغامرون بأرواحهم في قوارب الموت أو يهاجرون نحو المدن الكبرى ليعملوا في ظروف مهينة. أليس هذا ظلما مضاعفا؟ الأرض غنية لكن الإنسان فيها أفقر من الفقر نفسه.
الملك محمد السادس نصره الله أكد غير ما مرة على ضرورة العدالة المجالية وربط الثروة بالتنمية، محذرا من مغرب بسرعتين. لكن في إقليم خنيفرة يبدو أن المسؤولين يصرون على إبقائه في سرعة الصفر، إقليما معلقا بين تاريخ مجيد من المقاومة وتضحيات الأجداد، وحاضر بئيس لا يليق بمكانته ولا بمقدراته. فهل يعقل أن إقليما يزخر بالماء والغابات والمقالع والمناجم لا يملك لا طريق سيار او سريع ولا جامعة متعددة التخصصات ولا مستشفى إقليميا يليق بكرامة المواطنين؟ وهل من المقبول أن تظل طرقاته محفرة كأنها مسالك بدائية في القرن الماضي؟
الجواب واضح: المشكلة ليست في قلة الموارد بل في من يتعامل معها بمنطق الغنيمة. كبار المسؤولين والمستثمرين يعتبرون إقليم خنيفرة مجرد بقرة حلوب، يستنزفون ضرعها بلا رحمة، بينما أبناء المنطقة يتركون للجوع واليأس وكأنهم عبء زائد لا قيمة لهم.
الخلاصة: إقليم خنيفرة ليس بقرة حلوبا، بل صار بقرة مذبوحة يتقاسم الكبار لحمها ودهنها ويرمى صغاره بالعظام اليابسة. والسؤال الفضيحة: إلى متى ستظل هذه المهزلة قائمة وإلى متى سيظل المسؤولون المحليون يتواطؤون مع الفساد وكأنهم فوق المحاسبة؟