مع اقتراب موعد مناقشة ملف الصحراء المغربية داخل مجلس الأمن الدولي خلال شهر أكتوبر المقبل، تتكثف التحركات الدبلوماسية بشأن هذا النزاع الذي ظل لعقود محور اهتمام القوى الكبرى والأمم المتحدة. وتواصل المنظمة الأممية البحث عن صيغة سياسية متوازنة تضمن الاستقرار الإقليمي وتمهد الطريق لتسوية دائمة لهذا الخلاف المفتعل.
وفي هذا السياق، عقد مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي المكلف بالشؤون الإفريقية والشرق أوسطية، جلسة مباحثات ثنائية مع المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا. وقد جدد المسؤول الأمريكي خلال اللقاء التأكيد على الموقف الثابت لواشنطن، الداعم لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية باعتبارها الحل الواقعي والوحيد لإنهاء النزاع.
كما ناقش الطرفان مستقبل بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو)، ودورها في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، إلى جانب السبل الكفيلة بدفع العملية السياسية الأممية نحو نتائج ملموسة، في أفق الإحاطة التي سيقدمها دي ميستورا أمام مجلس الأمن خلال الأسابيع المقبلة. وأكد بولس في هذا الصدد أهمية التنسيق الوثيق بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة من أجل تهيئة الظروف المناسبة لسلام دائم يخدم استقرار المنطقة.
وتعكس هذه التحركات، التي تسبق النقاش الأممي المرتقب، تزايد القناعة الدولية بجدية وواقعية المبادرة المغربية كإطار وحيد للتسوية. كما تجسد متانة التعاون القائم بين واشنطن والأمم المتحدة في إدارة هذا الملف الحساس.
عبد الوهاب الكاين، رئيس منظمة أفريكا ووتش، أوضح أن لقاء بولس مع دي ميستورا يترجم إصرار الولايات المتحدة على ترسيخ اعترافها الواضح بمغربية الصحراء، وربط أي تصور للحل النهائي بالمبادرة المغربية التي تمنح للأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا موسعا. وأضاف أن هذا الموقف يندرج في إطار انخراط أمريكي أوسع لدعم الحلول السياسية العادلة والقابلة للتطبيق في المنطقة، بما يعزز التعاون الإقليمي والتنمية المشتركة.
وأكد الكاين أن الولايات المتحدة لم تكتف بإعادة تأكيد موقفها التاريخي، بل تسعى أيضا إلى تقييم مهام بعثة المينورسو في ظل التحديات الأمنية والسياسية الراهنة، مبرزا أن التحضيرات الجارية داخل الأمم المتحدة تفتح الباب أمام نقاشات أوسع حول مستقبل هذه البعثة وإمكانية تكييف دورها مع المرحلة المقبلة.
من جانبه، شدد الباحث والفاعل السياسي دداي بيبوط على أن اللقاء الأمريكي-الأممي الأخير يعكس إرادة واضحة لترسيخ الاعتراف بمغربية الصحراء، مؤكدا أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 لا تزال الخيار الأكثر جدية وواقعية. كما أشار إلى أن الدبلوماسية المغربية نجحت في إفشال محاولات خصوم الوحدة الترابية، وعلى رأسهم الجزائر، الرامية إلى خلق كيان انفصالي يخدم مصالحها الإقليمية.
ولفت بيبوط إلى أن استحقاقات مجلس الأمن المقبلة ستشكل منعطفا جديدا، ليس فقط في تقييم مهام المينورسو، بل أيضا في البحث عن بدائل أكثر فاعلية لتسوية النزاعات سلميا، بعيدا عن مشاريع التقسيم التي أثبتت فشلها، مؤكدا أن تنامي الوعي الشعبي بقيمة الوحدة يعزز متانة الطرح المغربي