حطاب الساعيد
في مشهد جديد يعكس عمق التهميش الذي يرزح تحته العالم القروي بإقليم أزيلال، خرجت ساكنة تباشكوت جماعة تمدا نومرصيد ودوار تيزا والدواوير المجاورة في مسيرة احتجاجية سلمية، رفعت خلالها شعارات قوية تطالب بأبسط الحقوق الأساسية التي تعتبر في الأصل من صميم التزامات الدولة تجاه مواطنيها. المسيرة التي جابت طرقات وعرة لا تزال تنتظر منذ عقود تعبيدها وإصلاحها، جاءت لتجسد حجم الغضب الشعبي المتنامي جراء استمرار المعاناة وغياب حلول واقعية من قبل السلطات المحلية والإقليمية.
مطالب الساكنة كانت واضحة ومحددة: تعبيد الطريق وفك العزلة عن الدواوير، ربط بعض البيوت بالكهرباء، بناء مستوصف صحي يضع حدا لرحلات العناء التي يقطعها المرضى نحو المراكز البعيدة، توفير ملاعب قرب تقي الشباب من الفراغ والتيه، إضافة إلى تعزيز النقل المدرسي الذي من شأنه التخفيف من معاناة التلاميذ مع المسافات الطويلة المؤدية إلى المؤسسات التعليمية. ولم يفت المحتجين أيضا المطالبة بتقوية شبكة الإنترنت باعتبارها حقا من حقوق العصر، ووسيلة أساسية للربط مع العالم، خاصة في زمن التعليم الرقمي والخدمات الإلكترونية.
اللافت أن هذه المسيرة تأتي أياما فقط بعد احتجاجات مماثلة شهدتها جماعات أخرى بالإقليم، ما يكشف أن المشكل ليس محصورا في تباشكوت أو تيزا، بل هو صورة مكرورة لمعاناة ساكنة إقليم أزيلال برمته الذين يتقاسمون ذات المعاناة مع البنية التحتية المهترئة، ضعف الخدمات الاجتماعية، وانعدام العدالة المجالية. وهنا يطرح السؤال الكبير: إلى متى ستظل دواوير الإقليم خارج حسابات التنمية الفعلية، بينما ترفع شعارات العدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي في الخطب الرسمية والبرامج الحكومية؟
إن مشهد مسيرة تباشكوت ودوار تيزا ليس مجرد حدث محلي عابر بل هو جرس إنذار جديد يقرع في وجه صناع القرار بأن سياسة الترقيع لم تعد تجدي، وأن التنمية المتأخرة تعتبر ظلما مضاعفا في حق مواطنين لا يطلبون المستحيل، بل أبسط مقومات الحياة الكريمة.