أطلقت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، عبر الشركة المغربية للهندسة السياحية (SMIT)، أربعة طلبات عروض ضخمة لتقييم وتصنيف المؤسسات الفندقية بالمغرب، بلغت قيمتها الإجمالية حوالي 481 مليون درهم (ما يعادل 48 مليار سنتيم). وتشمل هذه الصفقات تقييم ما يقارب 7347 مؤسسة فندقية موزعة على مختلف جهات المملكة، على أن يتم إنجاز العملية في غضون أربع سنوات، في واحدة من أكبر العمليات التي يعرفها القطاع السياحي خلال العقد الأخير.
غير أن طريقة إعداد هذه الصفقات أثارت نقاشا واسعا، بعدما تم رصد «تساهل غير مسبوق في الشروط المرجعية»، إذ سمحت للشركات حديثة النشأة بدخول المنافسة، دون إلزامها بالإدلاء برقم معاملات سنوي متوسط خلال السنوات الثلاث الماضية يتراوح بين 3 و7 ملايين درهم، وهو شرط اعتادت المؤسسات العمومية فرضه في صفقات مماثلة لضمان الحد الأدنى من الخبرة والقدرة المالية. هذا التغيير، الذي بدا للبعض «مفصلا على مقاس مقاولات بعينها»، أثار شكوكا بخصوص مدى احترام قواعد الشفافية والمساواة في ولوج الطلبيات العمومية.
في هذا السياق، اعتبرت أصوات برلمانية أن مثل هذه الترتيبات تهدد جودة العملية، وقد تعرّض سمعة المغرب السياحية للاهتزاز، خاصة إذا لم تتمكن الشركات الفائزة من تعبئة الموارد البشرية والخبرات التقنية الكافية لتصنيف آلاف الفنادق وفق معايير مهنية صارمة. وأكدت النائبة البرلمانية زهرة المومن، عن فريق التقدم والاشتراكية، في سؤال كتابي وجهته إلى وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور، أن هذا «التساهل» يطرح مخاوف حقيقية حول مستوى الحكامة في تدبير المال العام، داعية إلى الكشف عن معايير اختيار الشركات، وضمان أن العملية تخضع لضوابط دقيقة تحمي القطاع وتؤمن مصالح الفاعلين السياحيين.
وبالنظر إلى أن السياحة تعد رافعة أساسية للاقتصاد الوطني، وقطاعا استراتيجيا ضمن المخطط الحكومي لجذب 26 مليون سائح في أفق 2030، فإن عملية تصنيف المؤسسات الفندقية تكتسي أهمية خاصة، باعتبارها مرجعا أساسيا للمستثمرين والزبائن الدوليين. وهو ما يجعل أي خلل في هذه الصفقات، سواء من حيث الخبرة أو القدرة على التنفيذ، مسألة حساسة قد تُفقد المغرب تنافسيته أمام وجهات متوسطية منافسة.
ومن جانب آخر، فالملف، الذي تفوق قيمته نصف مليار درهم، يضع وزارة السياحة أمام امتحان الشفافية والمصداقية، ويفتح النقاش حول الدور الذي تضطلع به الشركة المغربية للهندسة السياحية باعتبارها الذراع التقني للوزارة، خصوصا بعد الانتقادات التي لاحقت الشركة في تدبيرها لملف المستفيدين من برنامج «فرصة» والذي وصل حد لجوء بعض المحرومين من الاستفادة إلى القضاء الإداري ووسيط المملكة من أجل التدخل بعد توقيف البرنامج.