لا يمكن لأي متابع منصف إلا أن يقر بأن المملكة المغربية تمر بمرحلة تحول عميق وتغيير مستمر. لقد استطاعت بلادنا، بفضل حكمة قيادتها ووعي مواطنيها ومؤسساتها، أن تتجاوز بسلام الأخطار والاضطرابات التي عصفت بالعديد من دول الجوار في سياق ما سمي بـ “الربيع العربي”. لقد شكلت الأجوبة الدستورية والسياسية والتنموية المغربية نموذجًا أثبت قدرته على احتواء المطالب المشروعة ضمن إطار السلم والاستقرار والحفاظ على التوازنات الإقليمية.
من منطلق مسؤوليتنا كحقوقيين ملتزمين بالدفاع عن المكتسبات الديمقراطية والتنموية، علينا أن نرفع الصوت عاليًا محذرين من وجود مساعٍ لا تخفى على فطنة المواطن. إن هدف هذه المساعي الواضح هو عرقلة هذا الاستقرار وإيقاف المسيرة التنموية التي بدأت تؤتي ثمارها على كافة المستويات.
إن حق التظاهر السلمي هو حق دستوري مكفول، وهو أداة مشروعة وفعالة للتعبير عن المطالب وإحداث التغيير الإيجابي. لكننا نرفض رفضًا قاطعًا أن يتم استغلال هذا الحق النبيل عبر “مسيرات ملغومة” و “دعوات مشبوهة الأهداف”. هذه الدعوات غالبًا ما تنطلق من حسابات وهمية أو أجندات خارجية معادية، ولا تسعى للإصلاح بقدر ما تسعى لإثارة الفوضى وضرب اللحمة الوطنية.
إن واجبنا كحقوقيين هو التمييز بوضوح بين النضال المشروع الذي يهدف إلى تعميق الديمقراطية وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وبين محاولات الفتنة والركوب على المطالب الاجتماعية لزعزعة استقرار وطننا. فالمطالبة بالحقوق يجب أن تتم بوجوه مكشوفة، وخطاب وطني مسؤول، وفي إطار المؤسسات التي ناضلنا جميعًا من أجل ترسيخها. هذا هو المسار الذي يضمن تحقيق التغيير دون الوقوع في فخ الفوضى.
إن استقرار المغرب ليس مجرد شعار، بل هو الأساس الذي نبني عليه مستقبل دولة الحق والقانون والتنمية الشاملة. إن أي تشويه لهذا الأساس يهدد كل الإنجازات التي تحققت بشق الأنفس.
لذا، ندعو الجميع، من مواطنين وهيئات مدنية وسياسية، إلى اليقظة والتحلي بالروح الوطنية لتفويت الفرصة على كل من يسعى لتوجيه بوصلة التحول المغربي نحو المجهول، وحماية النموذج المغربي الفريد الذي أثبت قدرته على الصمود والتقدم