تتجه النقابة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل نحو مرحلة تصعيد غير مسبوقة، بعد أن أعلنت عن تنظيم إنزال وطني يوم 5 نونبر المقبل بمدينة مراكش، احتجاجًا على ما تصفه بـ«الفساد والاختلالات الخطيرة» التي تشهدها الإدارة الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية بجهة مراكش–آسفي. ويأتي هذا التحرك في سياق برنامج نضالي تصاعدي تبنّاه المكتب الوطني والمجلس الجهوي للنقابة، ويعكس حجم التوتر القائم بين العاملين في القطاع والجهات المشرفة على تدبيره.
النقابة أعلنت أيضًا عن عقد ندوة صحافية يوم 29 أكتوبر الجاري لعرض ما تعتبره معطيات وحقائق تكشف حجم «الاختلالات البنيوية» داخل المنظومة الصحية بالجهة. ووفق مصادر نقابية، فإن هذه الندوة ستركز على إبراز ما تصفه النقابة بـ«سوء تدبير ممنهج»، ومسؤوليات إدارية وسياسية ساهمت في تقويض العرض الصحي العمومي بالمنطقة، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على المواطنين، ولا سيما الفئات الهشة التي تجد نفسها أمام خدمات صحية محدودة وضعيفة الجودة.
ويبدو أن هذا التصعيد لم يأت من فراغ، إذ تشير النقابة إلى أن تراكم مظاهر «العبث الإداري» وغياب آليات الحكامة الرشيدة في التسيير كان سببًا رئيسيًا في اتخاذ قرار الإنزال الوطني. كما تتهم الجهات المسؤولة عن القطاع بعدم التفاعل مع مذكراتها ومطالبها المتكررة، ما دفعها إلى اللجوء إلى الشارع كوسيلة ضغط لفرض ربط المسؤولية بالمحاسبة وتفعيل آليات الرقابة داخل المرفق الصحي.
وفي الوقت الذي لم تصدر فيه إلى حدود الساعة أي توضيحات رسمية من الإدارة الجهوية المعنية، أكدت النقابة أن احتجاجات مراكش ستكون مجرد بداية لمسار نضالي مفتوح، مع التلويح بخطوات تصعيدية إضافية إذا لم تتم الاستجابة لمطالبها. كما شددت على أن الهدف من هذه الخطوة ليس فقط فضح ما تعتبره فسادًا إداريًا، بل حماية الحق الدستوري للمواطنين في الولوج إلى خدمات صحية عمومية تضمن الكرامة والعدالة الاجتماعية.
بهذا التصعيد، تدخل أزمة قطاع الصحة بالجهة منعطفًا جديدًا، يعكس اتساع الهوة بين الفاعلين النقابيين والجهات الوصية، ويضع الحكومة أمام اختبار حقيقي لترجمة شعارات الإصلاح والشفافية إلى إجراءات ملموسة تعيد الثقة إلى واحدة من أكثر القطاعات حساسية في حياة المغاربة.

