محسن خيير
في خطوة نوعية للنهوض بقطاع الصناعة التقليدية وتعزيز قابلية تشغيل الشباب، أشرف كل من لحسن السعدي، كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ويونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يوم الاثنين 27 أكتوبر 2025، على حفل التوقيع على اتفاقيات الشراكة لإنجاز برنامج التكوين بالتدرج المهني في حرف الصناعة التقليدية خلال الفترة الممتدة ما بين 2025 و2030.
وشارك في هذا الحدث الهام ممثلو اثنتي عشرة غرفة للصناعة التقليدية وأربع جمعيات لمراكز التكوين والتأهيل في حرف الصناعة التقليدية، إلى جانب الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، في إطار شراكة متعددة الأطراف تهدف إلى إرساء نموذج تكوين مهني جديد يقوم على المزاوجة بين التعلم النظري والممارسة الميدانية داخل المقاولات الحرفية.
يأتي هذا البرنامج ليترجم الإرادة المشتركة بين مختلف القطاعات الحكومية والمؤسسات المهنية لتنزيل خارطة الطريق الوطنية للتشغيل، وتفعيل عقد برنامج تنمية التكوين بالتدرج المهني 2025 – 2030 الموقع منتصف أكتوبر الجاري، والرامي إلى تعميم التكوين بالتدرج في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدماتية، خاصة في مجالات الصناعة التقليدية التي تمثل رافعة اقتصادية واجتماعية مهمة.
يرتكز التكوين المهني بالتدرج على مبدأ التعلم بالممارسة، حيث يتم الجمع بين التكوين داخل المقاولة بنسبة 80% والتكوين النظري داخل مراكز التدرج بنسبة 20%. هذا النموذج يسمح للمستفيدين باكتساب خبرات واقعية تعزز كفاءتهم المهنية وتمكنهم من ولوج سوق الشغل بمهارات عملية رصينة.
يشمل البرنامج تكوينا متنوعا يغطي مختلف حرف الصناعة التقليدية الإنتاجية والخدماتية، من أبرزها الخشب والنقش، الجلد والخرازة، المعادن والمجوهرات، النسيج والخياطة التقليدية، الطين والخزف، البناء، الحلاقة والتجميل، والحرف المرتبطة بالسياحة والصناعة التقليدية. ويتم تنفيذ التكوين عبر شبكة تضم 67 مؤسسة وأكثر من 100 ملحقة جهوية موزعة على مختلف مناطق المملكة، بطاقة استيعابية تصل إلى 30 ألف مقعد بيداغوجي سنويًا.
يهدف هذا المشروع الوطني إلى تمكين الشباب من مهارات تطبيقية داخل المقاولات الحرفية، وتسهيل الإدماج المهني وتشجيع التشغيل الذاتي، ودعم النسيج الاقتصادي لمقاولات الصناعة التقليدية، وصون الحرف التقليدية المهددة بالاندثار ونقلها إلى الأجيال القادمة.
البرنامج مجاني ومفتوح أمام الشباب ابتداءً من سن 15 سنة، ويعتمد على نظام الممرات الذي يتيح التدرج في مستويات التكوين. فالحاصلون على الحد الأدنى من القراءة والكتابة يمكنهم الترشح لشهادة التدرج المهني، والحاصلون على مستوى السادسة ابتدائي وشهادة التدرج يمكنهم متابعة دبلوم التخصص المهني، أما الحاصلون على مستوى الثالثة إعدادي ودبلوم التخصص فيمكنهم الالتحاق ببرنامج دبلوم التأهيل المهني.
تتضمن الوثائق المطلوبة عقد الازدياد، وشهادة مدرسية، وصورتين حديثتين. ويتم التسجيل في أقرب مركز للتأهيل المهني أو معهد متخصص في فنون الصناعة التقليدية، أو عبر المديريات الجهوية والإقليمية التابعة لكتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بالإضافة إلى الغرف المهنية التي تتكلف خلاياها الإعلامية بمواكبة المرشحين وتزويدهم بكل المعلومات اللازمة حول البرامج والمسارات المتاحة.
بهذا البرنامج الطموح، يفتح المغرب آفاقًا جديدة أمام الشباب لاكتساب مهارات ميدانية حقيقية تواكب متطلبات سوق الشغل، وتساهم في استدامة الحرف التقليدية باعتبارها جزءًا أصيلًا من الهوية الوطنية ورافعة للتنمية المحلية.


