تحولت جلسة مناقشة مشروع قانون المالية بمجلس النواب، مساء أمس، إلى ساحة توتر سياسي بعد انسحاب النائبة فاطمة التامني واحتجاج النائبة نبيلة منيب، في مشهد جسّد عمق الخلاف بين المعارضة والأغلبية حول حدود النقاش البرلماني وحق الكلمة.
بداية الجدل انطلقت حين طالبت التامني ومنيب بتوسيع حصة مداخلتيهما لتجاوز ثلاث دقائق، وهو ما قوبل برفض صارم من قبل الأغلبية التي يقودها حزب التجمع الوطني للأحرار، متمسكة بتطبيق الصيغة الزمنية المحددة. موقف اعتبرته النائبتان تضييقاً على أصوات المعارضة ومحاولة لخنق النقاش العمومي.
فاطمة التامني، قبل مغادرتها القاعة، وجهت رسالة احتجاج قوية قائلة: “شكراً لتحويل البرلمان إلى غرفة تسجيل فقط”، مؤكدة أنها ستنشر كلمتها كاملة للرأي العام، حتى لا يُحجب صوت المعارضة خلف قيود الزمن البرلماني.
من جانبها، عبّرت نبيلة منيب عن استيائها مما وصفته بـ”ضيق صدر الأغلبية من النقاش الجدي”، معتبرة أن تقييد زمن المداخلات يعكس نزعة للتحكم لا تليق بمؤسسة تمثل صوت الأمة. واستحضرت تجربة الراحل محمد بنسعيد آيت يدر الذي كان يُمنح ساعات للترافع داخل القبة دون اعتراض، متسائلة: “هل أصبحت بضع دقائق تهدد النظام الداخلي؟”
الجدل حول الوقت المخصص للكلمات فتح الباب أمام نقاش أعمق حول طبيعة الممارسة الديمقراطية داخل البرلمان، ومدى استعداد الأغلبية لاحتضان الاختلاف. فبين من يرى أن احترام الوقت ضمانٌ للنظام والانضباط، ومن يعتبره وسيلة لتكميم الأصوات المعارضة، بدا المشهد البرلماني محتقناً يعكس حرارة المناخ السياسي الوطني.
وبين لحظة انسحاب وصرخة احتجاج، تكرّست صورة برلمان يعيش على إيقاع التوتر بين من يملك الأغلبية ومن يسعى فقط إلى أن يُسمع صوته. أما قانون المالية، فظل في الخلفية، شاهداً على أن السياسة في المغرب لا تُختزل في الأرقام، بل في معركة الكلمة وحق

