قررت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف في فاس، إغلاق الحدود في وجه مجموعة من أرباب المطاحن والموزعين، بعد الاشتباه في تورطهم في تلاعبات طالت منظومة توزيع الدقيق المدعم الموجه للفئات الهشة، فيما بات يُعرف إعلاميًا بـ”فضيحة دقيق الفقراء”.
وحسب معطيات حصلت عليها يقين 24 من مصادر متطابقة، فإن القرار شمل أكثر من 13 شخصًا، بينهم أصحاب مطاحن وصاحب مصنع للعجائن والكسكس ووسطاء معروفون، في انتظار استكمال الأبحاث التي تباشرها المصلحة الولائية للشرطة القضائية بتنسيق مع لجان المراقبة الاقتصادية والصحية.
وجاء هذا التطور بعد أسابيع من التحقيقات التي أطلقتها النيابة العامة منتصف غشت الماضي، عقب ورود تقارير أمنية تشير إلى اختلالات خطيرة في مسار توزيع الدقيق المدعم بجهة فاس مكناس، حيث تم ضبط كميات كبيرة من الدقيق الفاسد، وتوثيق عمليات خلط ومضاربة في الحصص الموجهة للمناطق الفقيرة.
التحريات الميدانية، وفق مصادر يقين 24، كشفت عن حجز أزيد من 115 طنًا من الدقيق غير الصالح للاستهلاك داخل مستودعات تابعة لوحدات إنتاج، بحضور مصالح المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)، التي سجلت مخالفات تتعلق بالجودة وسلامة التخزين.
وتشير الأبحاث إلى أن بعض المطاحن عمدت إلى إنتاج دقيق دون احترام المعايير المعتمدة، قبل توجيهه إلى قنوات تجارية غير قانونية لتحقيق أرباح مضاعفة، بينما لجأ مستفيدون من حصص الدعم العمومي إلى التلاعب بالفواتير والتصاريح لإنشاء مسارات وهمية لتوزيع الدقيق، ثم بيعه في السوق بثمن محرر.
القضية أعادت إلى الواجهة ملف “الدقيق الوطني للقمح اللين” الذي سبق أن أثار جدلاً واسعًا في الصيف الماضي، بعد شكايات حول غياب الدقيق المدعم في الأسواق رغم المبالغ الضخمة التي تخصصها الدولة لدعم أسعاره. إذ تتحمل الخزينة العامة دعمًا يصل إلى 238 درهمًا للقنطار في الأقاليم الجنوبية و143 درهمًا في باقي مناطق المملكة، لضمان استقرار الأسعار وتيسير وصول المادة إلى مستحقيها.
ويرتقب أن تطيح التحقيقات الجارية بمسؤولين آخرين في القطاع خلال الأيام المقبلة، في وقت تتحدث فيه مصادر من داخل لجنة المراقبة عن توجه لرفع الملف إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية نظراً لحجم التجاوزات وخطورة التلاعب بالمال العام في هذا الورش الاجتماعي الحساس.

