يقين 24
في إطار النقاش الوطني الدائر حول مستقبل أنظمة التقاعد بالمغرب، احتضن مقر الاتحاد المغربي للشغل بالناظور، مساء يوم السبت 8 نونبر 2025، ندوة فكرية نظّمها الفرع الإقليمي للشبيبة العاملة المغربية بالناظور، بتنسيق مع الاتحاد الإقليمي لنقابات الناظور، تحت عنوان:
«صناديق التقاعد بين شعارات الإصلاح وسبل تحصين الحقوق المكتسبة للطبقة العاملة».
اللقاء عرف حضور نخبة من الفاعلين النقابيين والمهتمين بالشأن الاجتماعي والطلابي، في أجواء اتسمت بروح النقاش المسؤول والتفاعل البنّاء.
استُهلت الندوة بكلمة افتتاحية ألقاها ربيع مزيد، الكاتب العام للاتحاد الإقليمي لنقابات الناظور، رحّب فيها بالمشاركين والمؤطرين، مبرزًا أن هذا اللقاء يأتي ضمن الدينامية الفكرية التي ينهجها الاتحاد، في سبيل ترسيخ ثقافة الحوار الاجتماعي الجاد والمفتوح، والمساهمة في بلورة رؤية إصلاحية عادلة لأنظمة التقاعد.
من جهته، أكد عبد الرزاق أمحمدي، الكاتب العام للفرع الإقليمي للشبيبة العاملة المغربية بالناظور، على أهمية إشراك الشباب النقابي في النقاشات الوطنية الكبرى، مشيرًا إلى أن هذه المبادرة تندرج ضمن جهود الشبيبة العاملة لإعادة الاعتبار للنقاش الفكري داخل الحركة النقابية، وتعزيز وعي الطبقة العاملة بحقوقها ومكتسباتها.
وقد تولى زكرياء المخفي، عضو الشبيبة العاملة المغربية وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد الإقليمي، تسيير أشغال اللقاء، حيث قدّم أرضية تعريفية بالموضوع وسياقه الوطني والاقتصادي والاجتماعي.
أطر هذه الندوة كل من الأستاذ مصطفى القريشي، أستاذ التعليم العالي بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور، والأستاذ محمد بوطيب، الكاتب العام للنقابة الوطنية لإصلاح الإدارة المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل.
في مداخلته، قدّم الأستاذ مصطفى القريشي قراءة تحليلية ومعمقة لأزمة صناديق التقاعد بالمغرب، موضحًا أن التركيز المفرط على الجانب المالي دون معالجة الاختلالات البنيوية، مثل هشاشة سوق الشغل وضعف المساهمات، سيؤدي إلى حلول ترقيعية لا تراعي العدالة الاجتماعية. ودعا إلى إصلاح شمولي يوازن بين البعد المالي والاجتماعي، ويكرس مبدأ التضامن بين الأجيال.
أما الأستاذ محمد بوطيب، فقد تناول في مداخلته مجموعة من الاختلالات البنيوية التي تعاني منها صناديق التقاعد، مشيرًا إلى أن غياب الحكامة الجيدة وسوء التدبير المالي والتسييري من أبرز أسباب الأزمة. وأكد أن الاتحاد المغربي للشغل يرفض تحميل الأجراء كلفة الإصلاح، داعيًا إلى إشراك النقابات في صياغة أي مشروع إصلاحي يخص التقاعد، باعتبارها شريكًا أساسياً في الحوار الاجتماعي. كما شدد على أن أي إصلاح يتجاهل الحقوق المكتسبة لن يحقق أهدافه، لأنه يضرب في عمق العدالة الاجتماعية.
وعرفت الندوة تفاعلًا واسعًا من الحضور، الذين قدّموا ملاحظات واقتراحات همّت ضرورة تحصين الحقوق المكتسبة للطبقة العاملة، وضمان كرامة المتقاعدين، إلى جانب الدعوة إلى شفافية تدبير الصناديق وفتح نقاش وطني موسّع حول كل خطوة إصلاحية قبل تنفيذها.
وفي ختام اللقاء، جدد المنظمون التأكيد على أن إصلاح أنظمة التقاعد لا يمكن أن يُختزل في أرقام أو حسابات تقنية، بل يجب أن يُبنى على مقاربة اجتماعية وإنسانية تضع مصلحة الأجراء في صلب الاهتمام.
كما أعلن الفرع الإقليمي للشبيبة العاملة المغربية بالناظور عن عزمه إعداد كتيب توثيقي يجمع خلاصات الندوة ومداخلات المشاركين، بهدف تعميم الفائدة وتوسيع دائرة النقاش.
واختُتمت الندوة في أجواء من الحماس وروح المسؤولية، حيث التُقطت صورة جماعية للمشاركين والمؤطرين تخليدًا لهذه المحطة النقابية والفكرية المتميزة، التي شكلت لحظة للتأمل والنقاش حول مستقبل صناديق التقاعد وحقوق الطبقة العاملة بالمغرب.




