متابعة : هشام بوزياني
في مدينة العيون، عاصمة الصحراء المغربية، يعيش السكان أزمة متواصلة مع ندرة المياه الصالحة للشرب، التي أصبحت تشكل معاناة يومية لأغلب الأحياء السكنية. هذه الأزمة لم تعد مجرد انقطاعات مؤقتة في التزويد، بل نظام معقد يعتمد على توزيع المياه عبر شاحنات خزانات تحل محل الشبكات الرسمية التي تعاني من ضعف في التزويد.
تنتشر في شوارع العيون شاحنات الخزانات التي تقوم بجولات منتظمة في الأحياء، لتملأ صهاريجها من خزانات رئيسية وتوزع المياه على المنازل عبر الشطوات الموضوعة فوق الأسطح، في مشهد بات مألوفاً للسكان. لكن ما وراء هذه الجولة اليومية تكمن قصة غير واضحة تتعلق بكيفية الحصول على حقوق تعبئة المياه من المصدر الرسمي.
في حوار أجريناه مع أحد سائقي هذه الشاحنات، كشف لنا عن جانب مهم من هذه المنظومة، قائلاً:
“باش نعبّي الشاحنة من الخزان التابع للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، خاصني ناخد ترخيص من القائد ديال الملحقة الإدارية في الحي. هاد الترخيص كيعطينا الحق نوزع المياه، ولكن العملية ماشي واضحة للجميع، وبعض المرات كيوقع تأخير أو رفض.”
هذا التصريح يسلط الضوء على تعقيدات إدارية يمكن أن تؤثر على انتظام التزويد وجودته، خصوصاً في ظل تزايد الطلب على المياه، وضعف البنية التحتية الأساسية.
السكان من جهتهم يعبرون عن استيائهم من هذا الوضع، إذ يقول أحدهم:
“الماء ما كيجينيش بانتظام، وكنضطر ننتظر ساعات طويلة باش نملأ كوباتنا من الخزانات اللي كتدوز في الحي.”
وتشير الصور التي وثقناها إلى أكوام من الكوبات الفارغة تنتظر تعبئتها، ومشاهد شاحنات الخزانات التي تجوب أزقة المدينة، تعبيراً صريحاً عن هذا النقص الحاد في التزويد المباشر من الشبكة الرسمية.
في الوقت الذي يعترف فيه المسؤولون بوجود مشاكل في البنية التحتية، يطالب السكان بمزيد من الشفافية والتنظيم في عمليات توزيع المياه، وضمان حصول كل حي على حقه بشكل عادل ومنتظم.
أزمة الماء في العيون ليست مجرد أزمة فنية، بل هي أزمة اجتماعية وإدارية تتطلب تضافر الجهود بين السلطات المحلية، والمكتب الوطني للماء، والمواطنين، لإيجاد حلول دائمة تنهي معاناة السكان.