هشام بوزياني
تعيش مدينة العيون، وبالأخص قطاع الصيد البحري، على وقع فضيحة مدوية تتعلق بعملية تهريب واسعة للأسماك، لا يقتصر تأثيرها على الاقتصاد المحلي فحسب، بل تهدد مصداقية المؤسسات التي من المفترض أن تحمي الثروة البحرية. تبرز القضية من خلال ظاهرة “إعادة التصريح” التي تحولت إلى آلية مكشوفة لتبييض كميات ضخمة من الأسماك المهربة، حيث يتم إدخال المصطادات المضبوطة إلى القنوات القانونية عبر تبريرات واهية كالنسيان أو الخطأ في التصريح. تكشف وثائق وأدلة رقمية تثبت أن المركب المعني لم يغادر الميناء بين تواريخ التصريحات المتعددة، ما يدل على تلاعب صارخ بالنظام المعلوماتي لجهاز التموقع والرصد VMS، الذي يُفترض به مراقبة حركة السفن بدقة متناهية. هذه الاختلالات ليست سوى جزء من أزمة أعمق تتجلى في ضعف الشفافية وتواطؤ بعض المسؤولين، وهو ما دفع الإدارة إلى نقل مندوب الصيد البحري بالعيون إلى طانطان، في خطوة لم تُستقبل بالرضى، حيث فضل المسؤول نفسه طلب الإعفاء على الامتثال للنقل، مما يعكس حجم التوترات والصراعات الداخلية. يصف المهنيون هذه الفضيحة بأنها مؤشر على اختلالات بنيوية تعصف بسوق السمك في المنطقة، حيث تُحول بعض المؤسسات الحكومية إلى واجهات لتبييض التهريب، ما يطرح تساؤلات حقيقية حول من يحمي الثروة البحرية ومن يضمن عدم استغلالها. في ظل هذه المعطيات، يبقى الرأي العام المهني بانتظار تحركات حازمة من الجهات الوصية تتجاوز الخطابات التقليدية، وتعيد بناء الثقة عبر إجراءات شفافة وجريئة توقف نزيف الفساد وتحمي مستقبل الصيد البحري في الصحراء المغربية.