مرت عشرة أيام على “مسيرة الكرامة” التي نظمها المئات من سكان دواوير آيت بوكماز صوب مقر عمالة أزيلال، في خطوة احتجاجية ضد التهميش المزمن، وطلبًا لخدمات أساسية طال انتظارها. واليوم، ومع أولى بوادر الاستجابة من قبل السلطات، بدأت الساكنة تترقب بحذر مدى جدية الالتزامات التي تم الإعلان عنها.
في تصريح إعلامي، اعتبر خالد تيكوكين، رئيس جماعة آيت بوكماز، أن هذه المسيرة الشعبية شكّلت نقطة تحول في علاقة السكان بالسلطات، مؤكداً أن بعض المطالب بدأت تشهد تفاعلاً فعلياً، مثل التحاق طبيب بالمركز الصحي المحلي، وبدء شركة الاتصالات في تهيئة البنية التحتية الرقمية، وذلك مباشرة بعد انتهاء المسيرة.
ورغم هذا التقدم، لا تزال التحديات اللوجستية حاضرة، خصوصاً في ظل التضاريس الوعرة وغياب وسائل النقل، حيث تُنقل المعدات والمواد على ظهور الدواب، في مشهد يكشف عمق الهشاشة التي تعاني منها المنطقة.
أما بخصوص الطريق الجهوية رقم 302، التي تُعد من المطالب الأساسية للساكنة، فأوضح رئيس الجماعة أن الملف ما يزال ينتظر التحرك الرسمي، شأنه في ذلك شأن مشروع الحماية من الفيضانات، مشيراً إلى أن هذه الأوراش تتطلب دراسات تقنية وعمليات تدبير إداري لا تُنجز في وقت وجيز.
وفي الشق المتعلق بالبنية التحتية الرياضية، قال تيكوكين إن لجنة من وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة قامت بزيارة ميدانية للمنطقة، وتم اختيار العقار المخصص لإنشاء ملعب رياضي مرفق بحلبة للعدو الريفي، تماشياً مع الطابع الجبلي للمنطقة الذي يُمكن أن يُفرز طاقات واعدة في هذا النوع من الرياضات. لكنه شدد على أن الجماعة لم تتوصل حتى الآن بأي إشارة رسمية تفيد بانطلاق الأشغال.
بخصوص آفاق الحوار مع السلطات، أشار المسؤول الجماعي إلى إمكانية عقد لقاءات جديدة، لكنه أكد أن المبادرة تظل بيد السلطات الإقليمية التي “تعرف متى وأين تُطلقها”، حسب تعبيره. كما لم يفته توجيه الشكر لكل من تضامن مع مطالب الساكنة، واعتبر أن هذه التجربة رغم قساوتها، كانت نموذجاً راقياً للاحتجاج السلمي من أجل مطالب مشروعة.
وكان سكان دواوير آيت بوكماز قد نظموا، يوم 10 يوليوز الجاري، “مسيرة الكرامة” نحو مدينة أزيلال، بعد فشل نداءات سابقة في دفع الجهات المعنية للاستجابة لمطالبهم المستعجلة. المسيرة، التي جرت على الأقدام، واجهت منعاً لعربات المشاركين، ما اضطرهم إلى استخدام مسالك جبلية والمبيت في قرية آيت امحمد، قبل أن يواصلوا السير في اليوم الموالي.
وبعد وصولهم إلى أزيلال، استُقبل ممثلو الساكنة من طرف عامل الإقليم، حيث تم الاستماع إلى مطالبهم، وتعهدت السلطات بالتفاعل الإيجابي معها، ما دفعهم إلى تعليق المسيرة وإعلان تغليب منطق الحوار.
المطالب شملت، إلى جانب الصحة والاتصالات، إصلاح الطريقين 302 و317، وتوفير النقل المدرسي لمكافحة الهدر، وتحسين البنية التحتية بما يليق بالمؤهلات البيئية والسياحية للمنطقة. وبين ما تحقق وما ينتظر التفعيل، تواصل ساكنة آيت بوكماز تعبئتها السلمية، متشبثة بحقوقها، ومُصرة على متابعة تنفيذ الوعود إلى أن تتحول إلى واقع ملموس يُنهي سنوات من الإقصاء والتهميش.