حميد رزقي
في قلب إقليم أزيلال، الذي كان حتى وقت قريب عنواناً لمطالب التنمية وصدى الاحتجاجات وصخبها، تحولت ساحة المدينة مساء الأربعاء إلى معرض جهوي يحتفي بالمنتجات الفلاحية والمحلية، في مشهد يعكس دينامية جديدة تنبني على الاقتصاد التضامني وروح المبادرة، بعيداً عن لغة الشعارات.
ويشارك في هذا المعرض، الذي سيمتد على مدى حوالي أسبوع كامل، أكثر من 72 تعاونية تمثل ست جهات مغربية، من بينها تعاونيات قادمة من الصويرة وأكادير والراشدية وسطات وبني ملال وأبي الجعد وبرشيد، إلى جانب تعاونيات من عمق الإقليم مثل آيت بوكماز وآيت أمديس ودمنات وتبانت وأكوديد نلخير. التظاهرة من شأنها رسم صورة مختلفة عن الإقليم، صورة تبرز غنى التراث المحلي وتفتح آفاقاً واعدة للتسويق الذاتي ولتنمية المشاريع الصغيرة ذات الأثر المستدام.
منذ الساعات الأولى للافتتاح، امتلأت أروقة المعرض بالزوار. المنتجات المعروضة لم تكن فقط سلعاً معروضة للبيع، بل شواهد حيّة على إرادة نساء تحدّين قسوة الجغرافيا، وحوّلن ما ورثنه من تقاليد إلى مصدر عيش وكرامة. لكل منتوج حكاية، ولكل تعاونية مسار من الصبر والكفاح.
يقول عبد العزيز المولوع، مهتم بزراعة الكبار في أزيلال”، إن المعرض يوفّر فضاءً حقيقياً للترويج الاقتصادي. ويرى أن هذه المبادرات قادرة على تحفيز الشباب على الانخراط في مشاريع ذاتية، وعلى حماية الحرف التقليدية من الاندثار، بشرط المواكبة والدعم المتواصل من المؤسسات.
وفي المعرض خطف العسل الجبلي، المنتج الذي تشتهر به أزيلال، الأضواء بمذاقه الفريد ونقاوته العالية. وصفه بعض الزوار بـ”الذهب السائل”، نظراً لجودته وارتباطه المباشر بالنباتات العطرية المنتشرة في المراعي الجبلية. وأكد العارضون أن هذا المنتوج في حاجة إلى مزيد من الترويج والمواكبة التقنية.
من جهته حضر زيت الزيتون، بقوة في المعرض. وهو منتوج أصيل يمثل جزءاً من الهوية الغذائية للمغاربة، ولا يزال يشكل مورداً رئيسياً لعدد من الأسر القروية. بعض العارضين نبهوا إلى ضرورة حماية سلسلة الزيتون من آثار الجفاف والتغير المناخي، حفاظاً على جودته واستمراريته.
ومن المنتوجات البارزة أيضاً نبتة “الكبار” أو “الشفلح”، التي أصبحت خلال السنوات الأخيرة زراعة استراتيجية في الإقليم. هذه النبتة، المقاومة للظروف المناخية الصعبة، باتت تمثل فرصة حقيقية لتوفير الشغل والدخل، مع تزايد الطلب عليها في الأسواق المحلية والدولية.
حسن آيت تدارت، منسق لجنة الإعلام والتواصل، يؤكد أن المعرض لا يقتصر على الترويج التجاري، بل يساهم في ربط الزوار بالتراث الثقافي والحرفي لأزيلال. ويضيف أن تزامن المعرض مع فعاليات المهرجان الصيفي أعطاه بُعداً احتفالياً، وساعد في تعزيز الجاذبية السياحية للمنطقة.
الكاتب العام لإقليم أزيلال، الذي افتتح المعرض رفقة رئيس الجهة عادل البركات وعدد من المسؤولين، أشاد بالمشاركة الواسعة للنساء، واعتبر أن مثل هذه التظاهرات تعكس حيوية المجتمع المحلي، مشيراً إلى دور المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في دعم التعاونيات والمشاريع النسائية.
عدد من الزوار، في تصريحات للموقع، اعتبروا أن الإقليم قدّم من خلال هذا المعرض نموذجاً مختلفاً عن الصورة النمطية، مؤكدين أن أزيلال تتوفر على مؤهلات كبيرة، تؤهلها لتكون وجهة سياحية ومنصة اقتصادية إذا ما تم توفير الدعم والرؤية الاستراتيجية الملائمة.
المشاركون في المعرض عبروا عن أملهم في أن يتحول الحدث إلى تقليد سنوي، لا مجرد محطة موسمية. كما أبدت العديد من النساء رغبتهن في تطوير مشاريع “السياحة المجالية”، التي تمزج بين الثقافة الجبلية والطبيعة، لتكون أزيلال بذلك واجهة حية للعيش الكريم والتنمية المتجددة.