ما يزال غياب الشفافية والرقابة الصارمة على ميزانيات الجماعات الترابية، خاصة في المناطق الجبلية والقروية، يثير الكثير من علامات الاستفهام، لا سيما حين يتعلق الأمر بمبالغ ضخمة لا تُترجم إلى مشاريع ملموسة على أرض الواقع.
في هذا الإطار، فجّرت النائبة البرلمانية مريم وحساة، عن فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، قضية مالية لافتة، بعدما وجهت سؤالًا كتابيًا إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، تستفسر فيه عن مصير 17 مليار سنتيم كانت الوزارة قد رصدتها لفائدة أربع جماعات جبلية بإقليم بني ملال.
وحسب مضمون السؤال، فإن هذه الميزانية الكبيرة لم تنعكس بأي شكل يُذكر على مستوى التنمية المحلية، حيث ظل تنفيذ أغلب المشاريع غائبًا، فيما جاء ما تحقق منها محدودًا ولا يوازي قيمة التمويل المخصص، مما يفتح الباب أمام الشكوك حول وجود اختلالات في التدبير أو شبهات في صرف الأموال.
النائبة وحساة دعت الوزارة إلى الكشف عن نوعية المشاريع التي خُصص لها هذا التمويل، والإجراءات التي اتُخذت لضمان حسن تتبعها وتنفيذها، مشددة على ضرورة التحقيق في أي اختلال محتمل، وتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات في حال ثبوت تقصير أو تجاوزات.
وتعيد هذه القضية إلى الواجهة سؤال الحكامة الجيدة في تدبير المال العام، خاصة في المشاريع التنموية التي تُعلَّق عليها آمال ساكنة المناطق المهمشة، والتي غالبًا ما تتحول إلى أوراق للاستهلاك السياسي، بدل أن تكون رافعة حقيقية للتنمية المحلية.