حطاب الساعيد
في الوقت الذي تتغنى فيه الحكومة بشعارات التنمية المستدامة والنموذج التنموي الجديد، وفي زمن يتم فيه الحديث عن تعميم الكهرباء والماء الصالح للشرب حتى في أقاصي الجبال، يعيش دوار آيت بويحجور التابع لجماعة تيغسالين بإقليم خنيفرة خارج تغطية هذه الشعارات، وكأن الزمن توقف به في عهد ما قبل الاستقلال.
لا ماء ولا كهرباء، عنوان صارخ لواقع يومي يعيشه سكان هذا الدوار المنسي،حيث لا شبكة مائية تُغني السكان عن عناء التنقل لجلب قطرات الحياة من العيون البعيدة أو الآبار التقليدية، ولا كهرباء تنير لياليهم أو تضمن لأبنائهم مقومات التعليم في زمن الرقمنة.
ففي هذا الدوار المنسي، تغيب كل معالم الحياة الكريمة، ويغيب معها أي أثر للعدالة المجالية، وكأن ساكنة آيت بويحجور تعاقب على جغرافيا لم تخترها، أو على لهجة أمازيغية لم تفهمها بعد سياسات المركز.
إن وضع دوار آيت بويحجور هو جرح مفتوح في جسد العدالة المجالية، ورسالة حية إلى صناع القرار مفادها أن التنمية الحقيقية تبدأ من الهامش، لا من تقارير المؤتمرات والندوات.
كما أنه اختزال فاضح للهوة بين المغرب المفترض والمغرب الحقيقي، بين مغرب الصور والاحتفالات، ومغرب الهامش والإقصاء.
فما يحدث في آيت بويحجور ليس استثناء، بل مرآة لوضع عام تعيشه العديد من المناطق “غير النافعة” كما يسميها البعض، في مغرب لا يزال يسير بسرعتين: مغرب المركز، ومغرب الهامش.
فإلى متى سيظل الهامش صامتًا؟
وهل تتحرك الدولة، فعلاً، لا قولاً، لتصحيح هذا الخلل الصارخ في ميزان العدالة المجالية؟