شهدت الجلسة الرابعة من دورة أكتوبر العادية لمجلس جماعة فاس، المنعقدة زوال اليوم الإثنين، توتراً غير مسبوق بعد تفجر الجدل حول ملف الأعوان العرضيين وامتحانات الكفاءة المهنية، ما دفع عمدة المدينة إلى إيقاف البث المباشر للجلسة على الصفحة الرسمية للجماعة بموقع “فايسبوك”.
الشرارة انطلقت حين طالبت المعارضة بالكشف عن لوائح الأعوان العرضيين، متحدثة عن وجود “أشباح” يتقاضون أجوراً دون أداء أي عمل فعلي داخل المصالح الجماعية. الاتهامات فجّرت موجة من الجدل داخل القاعة، دفعت العمدة إلى الرد بقوة، نافياً وجود أي تلاعب أو غموض في الملف، مؤكداً أن اللوائح متاحة أمام جميع الأعضاء، وأن كل ما يُروّج “يفتقد للدقة”.
لكن النقاش خرج عن السيطرة وسط تراشق بالكلمات وتبادل للاتهامات، ما اضطر رئيس المجلس إلى إيقاف البث المباشر، في خطوة أثارت بدورها تساؤلات الرأي العام حول ما يحدث فعلاً داخل كواليس المجلس.
من جهة أخرى، أوضحت مصادر من داخل الجماعة أن تأخر امتحانات الكفاءة المهنية يعود إلى كون ولاية الجهة لم تؤشر في البداية على الاتفاقيات المبرمة مع مكتب الدراسات والجامعة المكلفين بتنظيمها، قبل أن يُمنح الضوء الأخضر لاحقاً، لتُسند العملية إلى مديرية الكفاءات بوزارة الداخلية.
ويُعد ملف الأعوان العرضيين من أكثر الملفات حساسية داخل جماعة فاس، إذ تشير المعطيات الرسمية إلى أن عددهم يبلغ حوالي 1032 عوناً، تزايد عددهم بشكل لافت خلال فصل الصيف. هؤلاء يشتغلون بمختلف المصالح والمقاطعات، غير أن المعارضة تعتبر أن بعضهم مجرد “أسماء على الورق”، ضمن ما وصفته بـ“ريع إداري” و“تواطؤ حزبي”.
في المقابل، شدد العمدة عبد السلام البقالي على أن جميع الأعوان يخضعون للمراقبة الإدارية المنتظمة، وأن الجماعة في حاجة ماسة لخدماتهم، مبرزاً أن الملف مقنن ولا يشوبه أي اختلال.
اما المستشار الجماعي حكيم بسالم، فذهب أبعد من ذلك، مؤكداً أن “المشكل الحقيقي يكمن في الأعوان الأشباح الذين يتقاضون أجوراً دون عمل”، مطالباً بفتح تحقيق نزيه وشامل في الموضوع. وأضاف أن من بين هؤلاء من يشتغل في مهن خاصة أو ضمن حملات انتخابية، معتبراً أن ذلك “استغلال مرفوض للمال العام”.
العمدة، من جهته، رد باتهام المعارضة بمحاولة استغلال الملف لأغراض انتخابية، في مشهد سياسي محتدم يعكس حجم التوتر داخل مجلس فاس الذي يواجه اليوم واحدة من أعقد قضاياه منذ بداية الولاية الحالية.

