في خطوة ترمي إلى تحفيز الاستثمار في المجال الرياضي، تضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026 إعفاء الشركات الرياضية من الضريبة على الشركات لمدة خمس سنوات متتالية، ابتداءً من أول عملية بيع خاضعة للضريبة. كما سمح المشروع بخصم الهبات المقدمة لها في حدود عشرة في المائة من الربح الصافي، دون أن يتجاوز هذا الخصم خمسة ملايين درهم سنوياً. ويُنظر إلى هذا القرار باعتباره آلية عملية لدعم التحول الهيكلي للرياضة المغربية نحو منطق الاستثمار والإنتاجية.
ويأتي هذا الإجراء في سياق استثنائي يتزامن مع استعداد المغرب لاستضافة كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، ومع التسارع الكبير في مسار تحويل الأندية الوطنية من جمعيات إلى شركات رياضية. هذا التحول يرمي إلى بناء نموذج اقتصادي جديد للرياضة الوطنية يزاوج بين التسيير الاحترافي وجذب رؤوس الأموال.
وكان نادي الرجاء الرياضي قد أعلن في غشت الماضي عن توقيع اتفاقية شراكة مع مارسا ماروك، تمهيداً لتحوله إلى أول شركة رياضية مغربية برأسمال بلغ 250 مليون درهم، نصفه تقريباً ممول من مستثمر خاص. هذه الخطوة اعتُبرت من طرف الفاعلين الرياضيين والاقتصاديين “انطلاقة فعلية لمسار جديد” سيعيد تشكيل المشهد الرياضي المغربي.
ويرى خبراء الاقتصاد أن الإعفاء الضريبي يشكل حافزاً مهماً لجذب المستثمرين وتمكين الأندية من هامش مالي مريح خلال السنوات الأولى من التحول، خاصة أن إنشاء الشركات الرياضية يتطلب رأسمال قانوني وهيكلة مؤسساتية دقيقة. غير أن هؤلاء الخبراء يشددون على أن هذا الامتياز الضريبي لن يكون فعالاً ما لم يرافقه نظام صارم للحكامة المالية وآليات شفافة للمراقبة والمحاسبة.
وتتوقع أوساط رياضية أن يفتح هذا القرار الباب أمام موجة جديدة من الأندية الوطنية للانخراط في تجربة التحول إلى شركات رياضية، استجابة للضغوط التنظيمية التي تفرضها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بموجب القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة. كما يُرتقب أن ينعكس هذا التحول على تعزيز جاذبية القطاع الرياضي، وخلق فرص جديدة للاستثمار والتشغيل، وتحسين تنافسية الرياضة الوطنية.
ويُعد هذا الإجراء الجبائي خطوة مفصلية في مسار بناء اقتصاد رياضي متكامل، لكنه في الوقت نفسه اختبار حقيقي لقدرة الدولة والأندية على ترجمة النصوص القانونية إلى واقع فعلي يضمن الشفافية والاستدامة ويحول الرياضة إلى رافعة اقتصادية واجتماعية.

