بقلم: محمد فتاح
ابن أحمد ليست مدينة صغيرة، بل ذاكرة كبيرة تُختزل في صمتٍ إداري طويل. مدينةٌ لا تُذكر في نشرات الأخبار، ولا تُزار في مواسم الوعود، لكنها تعيش، تنبض، وتنتظر.
الهامش هنا ليس موقعًا جغرافيًا، بل حالة وجود. الشوارع تعرف أسماء سكانها أكثر من المسؤولين، والحفر تُعدّ أعمارها بالأعوام، لا بالأشهر. السوق الأسبوعي لا يُنظَّم، لكنه يُقاوم النسيان كل خميس، والرصيف لا يُرمَّم، لكنه يحمل خطوات الأمل كل صباح.
في ابن أحمد، لا يُقاس الزمن بالساعات، بل بالانتظارات: انتظار إصلاح، انتظار إنصات، انتظار اعتراف. المواطن لا يطلب الكثير، فقط أن يُرى، أن يُسمع، أن يُحسب.
قلمي لا يكتب عن ابن أحمد كمدينة منسية، بل كمدينة تُقاوم النسيان. يكتب عن الحي الصناعي الذي لا يصنع سوى الغبار، وعن المدرسة التي تُعلّم الصبر أكثر من الحروف، وعن المواطن الذي يقول: “راه ماشي معقول، ولكن ساكتين”.
ابن أحمد تعيش على الهامش، نعم. لكنها تكتب من الهامش، وتُعلّمنا أن التفاصيل الصغيرة هي التي تصنع المدن الكبيرة. أن كوب شاي بلا نعناع قد يكون بيانًا سياسيًا، وأن بابًا مهترئًا قد يكون صرخةً في وجه التهميش.