تواصل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار إطلاق صفقاتها العمومية بوتيرة متسارعة، في وقت يعيش فيه القطاع ضغطًا ماليًا وهيكليًا متزايدًا، حيث أعلنت عن طلب عروض جديد لاقتناء سيارتين إداريتين من نوع SUV بقيمة تقديرية تقارب 664 ألف درهم، أي ما يعادل 66 مليون سنتيم، ما أثار موجة انتقادات حادة بشأن أولويات الإنفاق داخل الوزارة.
ووفق الوثائق التي حصل عليها موقع يقين 24، فإن الصفقة التي تحمل رقم 22/2025/VEHICULES سيتم فتح أظرفتها يوم 21 أكتوبر الجاري بمقر مديرية الميزانية والشؤون العامة بالرباط. وتشمل المواصفات المطلوبة سيارتين من طراز Škoda Karoq أو ما يعادلها، بمحرك ديزل TDI سعة 2.0 لتر على الأقل، وقوة لا تقل عن 150 حصانًا، وناقل حركة أوتوماتيكي DSG بسبع سرعات. كما نص دفتر التحملات على تجهيزات متقدمة تشمل نظام GPS مدمج، شاشة لمس، كاميرا خلفية، مستشعرات ركن، نظام تثبيت السرعة، تكييف مزدوج، وعجلات ألمنيوم 17 بوصة.
ويحدد دفتر التحملات مدة التنفيذ في 60 يومًا مع فرض غرامة تأخير بنسبة 1 بالألف يوميًا، وكفالة نهائية بنسبة 3% من مبلغ الصفقة، إضافة إلى ضمان لمدة 12 شهرًا على الأقل من تاريخ التسليم.
مصادر مهنية في قطاع التعليم العالي عبّرت عن استغرابها من “النشاط المكثف” في إطلاق الصفقات، معتبرة أن “الوزارة تبدو منشغلة بتجديد مكاتبها وأساطيلها أكثر من انشغالها بتجديد مناهجها”. وأضافت المصادر في تصريحها للموقع أن “اقتناء سيارات جديدة بمواصفات رفاهية في زمن تقشف مالي لا ينسجم مع الخطاب الإصلاحي الذي يرفعه الوزير عز الدين الميداوي منذ توليه المنصب”.
وذكّرت المصادر نفسها بأن الميداوي سبق أن ألغى قبل عام صفقة بقيمة 420 مليون سنتيم أبرمها سلفه عبد اللطيف الميراوي، بدعوى ترشيد النفقات، “لكنه اليوم يسير في الاتجاه نفسه وإن بصياغة مختلفة”، على حد تعبيرها. وترى أن “القضية ليست في قانونية الصفقة بل في رمزيتها السياسية والأخلاقية”، معتبرة أن الوزارة “تستمر في إعطاء الأولوية للمظاهر الإدارية على حساب الإصلاح الحقيقي، وكأن التغيير يُقاس بعدد الكراسي الفاخرة والسيارات الجديدة، لا بعدد المختبرات والمشاريع البحثية”.
في المقابل، أكدت مصادر من داخل الوزارة أن العملية “روتينية وتندرج في إطار تجديد محدود لأسطول إداري متهالك”، مشيرة إلى أن التمويل “مبرمج في ميزانية التجهيز لسنة 2025 ولا يمس ميزانية البحث العلمي أو التكوين”. غير أن المنتقدين ردّوا بأن “الزمن المالي والسياسي الحالي لا يسمح بمثل هذا الترف، وأن كل درهم يُصرف خارج التعليم والبحث هو رسالة خاطئة للرأي العام والجامعة المغربية”.

