تشهد سوق خراطيش الحبر والطونير “Toner” بالمغرب توتراً متزايداً في الأسابيع الأخيرة، بعد أن تقدمت عدد من الشركات العاملة في مجال الطباعة والمستلزمات المعلوماتية بشكايات رسمية إلى المجلس الأعلى للحسابات، مطالبة بفتح تحقيق حول ما تعتبره ممارسات غير شفافة في تدبير الصفقات العمومية. وتقول هذه الشركات إن عدداً من الإدارات العمومية يرفض تسلّم خراطيش أصلية مستوردة بطرق قانونية ومطابقة للمعايير الدولية، دون تقديم مبررات تقنية واضحة، وهو ما تعتبره هذه المقاولات مؤشراً على وجود اختلالات عميقة في مساطر التقييم والقبول.
وتوضح المعطيات أن بعض اللجان التقنية داخل الإدارات باتت تتعامل مع العروض بشكل انتقائي، إذ تمنح الأفضلية لعلامات تجارية بعينها، بينما تُقصى عروض أخرى رغم تساويها في المواصفات والجودة. كما تحوّل شرط تقديم العينات إلى أداة لإقصاء بعض المتنافسين قبل مرحلة التقييم، في حين يتم قبول منتجات أخرى دون تعليل كافٍ. هذه الوضعية، بحسب المهنيين، خلقت بيئة مغلقة تحتكر فيها شركات محدودة جزءاً مهماً من السوق العمومية، مستفيدة من علاقات مؤسسية تمنحها أفضلية غير معلنة في الظفر بالصفقات.
وتكشف وثائق مرافقة للشكايات عن معطيات مثيرة للانتباه، من بينها إسناد مهام مراقبة الجودة لشركات خاصة تعتبر في الأصل منافسة في نفس المجال، الأمر الذي يطرح إشكالاً قانونياً واضحاً يتعلق بتضارب المصالح. كما تسجّل دفاتر الشروط في عدد من الصفقات أسعاراً مبالغاً فيها بشكل لافت، تتجاوز بكثير الأسعار المتداولة في السوق، ما يغذي الشكوك حول وجود توجيه مسبق أو تضخيم متعمد للتكلفة.
هذا التراكم من الممارسات دفع المجلس الأعلى للحسابات إلى فتح مسطرة تحقيق في الموضوع، في أفق استدعاء أطراف معنية من إداريين وتقنيين وموردين للاستماع إليهم. وفي الوقت الذي ينتظر فيه الفاعلون في القطاع ما ستسفر عنه هذه التحقيقات، تتصاعد الدعوات الموجهة إلى اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية ووزارة الاقتصاد والمالية من أجل مراجعة مساطر المراقبة وتحصين الصفقات العمومية من أي تأثيرات غير مشروعة، مع ضمان شفافية المنافسة ومنع تضارب المصالح.

