يقين 24/ حليمة صومعي
في ظل اتساع الهوة الاجتماعية وتفاقم مظاهر التفاوت الطبقي، يجد المغاربة أنفسهم أمام مفارقة صادمة: حكومة تتحدث عن العدالة الجبائية، لكنها في الواقع تُعفي أصحاب الثروات الضخمة وتُبقي العبء الضريبي على كاهل الطبقات المتوسطة والفقيرة.
فإعلان وزارة الاقتصاد والمالية بشأن “ضريبة الثروة” كشف بوضوح أن هذا الإجراء لا يعدو أن يكون فكرة نظرية تُستعمل لتجميل الخطاب السياسي، بينما يظل تطبيقها مؤجلاً إلى أجل غير مسمى.
الوزارة برّرت تراجعها عن تفعيل هذه الضريبة بصعوبات تقنية، مثل تحديد من يُعتبر “غنياً” وكيفية تقييم الممتلكات وضمان استقرار النظام المالي. لكن هذه المبررات، في نظر كثيرين، ليست سوى غطاء لحماية فئة محدودة تملك النفوذ والقدرة على التحايل، في حين تُترك الأغلبية تصارع غلاء المعيشة وتزايد الضرائب غير المباشرة.
الأغرب أن الخطاب الرسمي حوّل النقاش من “العدالة الجبائية” إلى “الخوف من هروب رؤوس الأموال”، وكأن العدالة ترف يمكن تأجيله إلى حين، أو كأن الفقراء هم المسؤولون عن هشاشة الاقتصاد الوطني.
بهذه المقاربة، يُكرّس الواقع من جديد قاعدة اللامساواة: الأغنياء يزدادون ثراءً بفضل الامتيازات والإعفاءات، والفقراء يغرقون أكثر تحت وطأة الأسعار والضرائب اليومية.
أما “القانون الإطار للإصلاح الجبائي” الذي بشّر به المسؤولون كمفتاح لتوازن النظام الضريبي، فقد اكتفى بفرض ضرائب على الدخل الفردي، دون أن يجرؤ على الاقتراب من الثروات الكبرى أو أرباح الشركات العملاقة.
وبذلك، يبقى الإصلاح الجبائي في المغرب ناقصاً في جوهره، لأنه لم يمسّ بعد لبّ المشكلة: العدالة في توزيع الثروة.
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يحتاج المغرب إلى إرادة سياسية جريئة تُعيد التوازن بين من يملكون ومن لا يملكون، وتُحوّل العدالة الجبائية من شعار إلى فعل، لأن استمرار هذا النهج يعني شيئاً واحداً: تثبيت الامتيازات في القمة، وترك الأغلبية تُسحق في القاع.


تعليق واحد
وفين سي لقجع حادگ غير ف الكرة
لأنه وجد الشروق مناسبة
بنية تحتية جيدة والتعليم مهاريين
وغلب المتقاعدين والموظفين /الحيط القصير