تفجرت داخل قبة البرلمان قضية جديدة وصفت بـ“الخطيرة”، بعدما وجّه أحمد تويزي، رئيس الفريق البرلماني لحزب الأصالة والمعاصرة، اتهامات صريحة لبعض شركات الدقيق بـ“طحن الكاغيط بدل الحبوب”، في ما اعتبره “جريمة تمس قوت المغاربة وتنهب المال العام في وضح النهار”.
وخلال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026 بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية، فجّر تويزي قنبلة من العيار الثقيل حين كشف أن “كلفة دعم القمح اللين والدقيق الوطني وصلت إلى نحو 16.8 مليار درهم هذا العام، دون أن يستفيد منها الفقراء الذين وُجد من أجلهم نظام الدعم”، مضيفاً أن “ما يُقدَّم للمغاربة في بعض المناطق لا يصلح حتى للأكل، في غياب تام لأي مراقبة حقيقية”.
البرلماني عن حزب “الجرار” هاجم بشدة المنظومة الحالية للدقيق المدعم، معتبراً أنها تحولت إلى “أداة للاغتناء غير المشروع” بيد شركات تستنزف الدعم العمومي بلا حسيب ولا رقيب، مشيراً إلى أن “الأغنياء والبرلمانيين والمهندسين يستفيدون من دعم المقاصة أكثر من الفئات الهشة التي أُنشئ من أجلها”.
ودعا تويزي إلى “قطع دابر الفساد” داخل منظومة الدعم، من خلال تحويله مباشرة إلى الأسر المستحقة عبر السجل الاجتماعي الموحد، واقترح أن “تمنح الدولة دعماً نقدياً مباشراً يناهز 500 درهم شهرياً لكل أسرة فقيرة، حتى تشتري حاجاتها الأساسية بثمنها الحقيقي”، بدل استمرار نزيف المال العام الذي يتجاوز، بحسبه، مليارات الدراهم سنوياً.
وفي نبرة حادة أثارت ضجة داخل اللجنة، حذر تويزي من أن “السكوت عن هذه التجاوزات خطر على الأمن الغذائي للمغاربة”، مطالباً بفتح تحقيق عاجل وشفاف في “ملف شركات الدقيق التي تغش في جودة المواد وتستفيد من دعم لا تستحقه”.
وبينما لم يُخفِ البرلماني إشادته بالتقدم الذي يعرفه المغرب في مجالات البنية التحتية والطاقة والصناعة، شدد على أن “بلادنا لا يمكن أن تسير بسرعتين: مغرب المشاريع الكبرى ومغرب الفقر والهشاشة”، داعياً الحكومة إلى إرساء عدالة مجالية حقيقية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
تصريحات تويزي فجّرت نقاشاً محتدماً داخل الأوساط السياسية والاقتصادية، وفتحت مجدداً ملف “الدقيق المدعم” الذي ظل لسنوات مثار جدل بسبب شبهات الفساد واستغلال الدعم في غير محله، وسط مطالب متزايدة بإعادة النظر في منظومة المقاصة برمتها بما يضمن العدالة الاجتماعية ويحمي المال العام

