يقين 24/ حليمة صومعي
مع اقتراب موعد مناقشة قانون مالية 2026، تتجه الأنظار إلى الحكومة المغربية التي تواجه مرحلة دقيقة في ظل تصاعد الاحتجاجات الاجتماعية ومطالب الشباب، خاصة فئة “جيل زيد”، بتحسين التعليم والصحة وتكريس العدالة الاجتماعية.
ورغم ارتفاع الميزانيات المخصصة لهذين القطاعين الحيويين خلال السنوات الأخيرة، فإن التساؤلات ما تزال مطروحة حول مدى نجاعة صرفها وأثرها الفعلي على جودة الخدمات.
فقد بلغت ميزانية قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في قانون مالية 2025 حوالي 85.6 مليار درهم، بينما خُصص لقطاع الصحة والحماية الاجتماعية نحو 32 مليار درهم، ليصل المجموع إلى ما يقارب 120 مليار درهم، دون أن ينعكس ذلك بشكل ملموس على أرض الواقع.
الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي يرى أن المشكل لا يكمن في حجم الموارد المالية، بل في طريقة تدبيرها وتوجيهها، موضحًا أن “الحديث عن رفع الميزانيات لم يعد مقنعًا ما لم تُقدَّم تفاصيل دقيقة حول أوجه الصرف ونتائجها”.
ويشير إلى أن الحكومة استثمرت خلال النصف الأول من سنة 2025 فقط 3.4 مليارات درهم من أصل 32.6 مليار درهم المخصصة لتأهيل البنيات الصحية، وهو ما يعكس، حسب رأيه، “اختلالًا في التنفيذ وضعفًا في الرقابة”.
كما لفت إلى أن الحكومة في قانون مالية 2023 “لم تصرف سوى نصف الميزانية المخصصة للاستثمار”، ما يبرز غياب الفعالية في تسيير الأموال العمومية.
ودعا أقصبي إلى ضرورة أن يتحمل البرلمان مسؤوليته في مراقبة وتتبع صرف الاعتمادات، مؤكدًا أن اللحظة تتطلب وضوحًا تامًا في الإجابة عن سؤال جوهري:
أين تذهب الأموال العمومية؟ وهل تُستثمر فعلًا في بناء مستشفيات وتجهيز المدارس أم تُهدر في مشاريع شكلية لا تمس حياة المواطنين؟
ويخلص الخبير الاقتصادي إلى أن قانون مالية 2026 يشكل فرصة حقيقية أمام الحكومة لإثبات صدق نواياها في معالجة القضايا الاجتماعية، مشددًا على أن المرحلة لم تعد تحتمل الخطابات التبريرية، بل تحتاج إلى نتائج ملموسة وقرارات جريئة تعيد الثقة بين الدولة والمواطنين.

