بقلم: محمد عطيف
في قلب المدينة الحمراء، حيث يلتقي عبق التاريخ بسحر الفن، تستعد مراكش لاحتضان الدورة الثالثة من اللقاء الكورالي لمراكش، الذي تنظمه جمعية التراث والفولكلور (APF) بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، تخليداً للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المجيدة، تحت شعارٍ عميق الدلالة: «تآلف السلم العالمي – Global Peace Harmony». من 6 إلى 8 نونبر 2025 تتحول مراكش إلى فضاء عالمي للتسامح والتنوع، حيث سيجتمع أزيد من 400 منشِد ومنشِدة من مختلف القارات ليهتفوا بصوتٍ واحدٍ من أجل السلام، ويغنّوا للحياة والوئام والإنسانية. إنه حدث فني وإنساني بامتياز تتجاوز فيه الألحان حدود اللغات، وتصبح الموسيقى جسراً يربط بين الشعوب، في لوحة عالمية تنبض بالمحبة والتآخي. من قصر الباهية التاريخي إلى كنيسة القديسين الشهداء والمركز الثقافي نجوم جامع الفنا مروراً بشارع M Avenue ستصدح المدينة بأصواتٍ قادمة من إفريقيا وأوروبا وآسيا تُجسد وحدة الفن وتنوّع الإنسان، حيث يكرّس اللقاء رؤية جمعية التراث والفولكلور التي جعلت من الموسيقى لغةً مشتركة تجمع القلوب وتُذيب الفوارق، في زمنٍ يحتاج فيه العالم إلى نغمة صادقة تُعيد للسلام معناه النبيل.

البرنامج حافل بالعروض الكورالية والورشات الفنية التي تفتح آفاقاً جديدة أمام المشاركين للتعبير عن قيم الأمل والإخاء، ويُفتتح المهرجان يوم الخميس 6 نونبر بحفل “اتحاد الأصوات” بمشاركة كورالات من البرتغال وألمانيا والمغرب، تليه عروض فنية مساءً تحتفي بروح التسامح والإبداع المشترك، فيما يشهد يوم الجمعة 7 نونبر رحلات الغناء من أجل السلام وورشات تكوينية في فنون الأداء الجماعي قبل أن يُتوّج اليوم بسهرةٍ روحية في كنيسة القديسين الشهداء تُذيب الاختلاف في نغمة واحدة. ويُختتم المهرجان يوم السبت 8 نونبر بحفل عالمي في قصر الباهية حيث تتوحد الأصوات في سيمفونية إنسانية تُكرّم التنوع وتحتفي بالإنسان. يؤمن منظمو اللقاء أن السلام يمكن أن يُغنّى قبل أن يُوقّع، وأن الفن قادر على مدّ الجسور بين الشعوب حيث تعجز السياسة، فبين أنغام الكورال ودفء الأداء الجماعي تنبض رسالةٌ سامية تدعو إلى الإيمان والأمل والإنسانية. منذ تأسيسها سنة 2017 لم تتوقف جمعية التراث والفولكلور عن نسج خيوط التواصل الثقافي عبر مهرجانات دولية أبرزها أيام التراث العالمي (World Folklore Days) واللقاء الكورالي لمراكش (Marrakech Choral Meeting)، اللذان أصبحا منصةً فنية تنشر ثقافة الحوار والسلام وتُعرّف العالم بأصالة المغرب وجماله المتفرّد. في زمنٍ يزداد فيه الانقسام والضجيج، تأتي مراكش لتقول للعالم: صوت الفن أصدق من صوت الحرب، ونغمة السلام أبلغ من أي خطاب، لتواصل المدينة الحمراء عزفها الأبدي على أوتار الإنسانية وتبقى مراكش مدينة النور والعطاء والسلم العالمي.

