يقين 24/ حليمة صومعي
في خطوة جديدة لضبط الإنفاق العمومي وترسيخ مبدأ الحكامة في تدبير المال المحلي، وجه وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت دورية صارمة إلى ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم، طالبهم فيها بفرض رقابة دقيقة على ميزانيات الجماعات الترابية برسم سنة 2026، مع التشديد على ضرورة ترشيد النفقات وتفادي المبالغة في مصاريف الإطعام والاستقبال والحفلات والمؤتمرات.
وأكد لفتيت أن المرحلة تقتضي الانتقال من ميزانيات تقليدية يغلب عليها الطابع الإداري إلى ميزانيات فعالة وواقعية، تُوجه فيها الموارد المالية نحو مشاريع ذات مردودية مباشرة على المواطنين، خصوصاً في مجالات التعليم والصحة والتشغيل والتنمية المحلية المستدامة.
وشدد الوزير على أن إعداد ميزانيات السنة المقبلة يجب أن يقوم على مبدأ الصدق المالي والعقلانية في البرمجة، وأن تكون التقديرات منسجمة مع الإمكانات الحقيقية للجماعات، دون تضخيم في المداخيل أو تبذير في النفقات. كما دعا إلى الالتزام الصارم بالمقتضيات القانونية المنظمة لتدبير المال العام، ومراقبة التوازن المالي بين الموارد والنفقات وفق القواعد المنصوص عليها في القوانين التنظيمية.
وتطرقت المذكرة إلى دخول القانون رقم 14.25 حيز التنفيذ، باعتباره محطة مفصلية في إصلاح الجبايات المحلية، إذ يقدم نظاماً جديداً لتحصيل الرسوم المحلية، خاصة الرسم المفروض على الأراضي الحضرية غير المبنية، مع الحفاظ على الإعفاءات الجارية وضمان عدالة وشفافية أكبر في تحديد الأسعار.
وطالب لفتيت المجالس الجماعية بالإسراع في إعداد القرارات المتعلقة بالمناطق الخاضعة لهذا الرسم ورفعها للمصادقة قبل 30 أكتوبر الجاري، وعقد دورات استثنائية خلال نونبر المقبل لتحديد الأسعار الجديدة التي ستدخل حيز التنفيذ ابتداء من يناير 2026.
وفي الجانب الإداري، شددت وزارة الداخلية على ضرورة تفعيل المخطط المحاسباتي الخاص بالجماعات الترابية، وإنجاز جرد شامل لممتلكاتها المنقولة والعقارية، وتثمينها وفق قيمها السوقية الحقيقية، لضمان تدبير أمثل للثروة الجماعية وتحقيق مداخيل إضافية.
كما دعا لفتيت إلى التحكم في نفقات التسيير، وحصرها في الحاجيات الضرورية فقط، مثل النقل والوقود والصيانة، وتجنب المصاريف الزائدة على شكل حفلات أو مؤتمرات أو نفقات استقبال غير مبررة. وأكد على أهمية إعطاء الأولوية للنفقات الإجبارية التي تفرضها القوانين، مع تصفية الأحكام القضائية النهائية والمتأخرات المالية وفق الإمكانيات المتاحة.
وفي ما يخص الجمعيات، حث الوزير الجماعات على انتقاء المستفيدين من الدعم وفق معايير دقيقة، وربط المنح بالأثر الاجتماعي المباشر للمشاريع الممولة. كما دعا إلى ترشيد استهلاك الماء والكهرباء واستثمار الموارد البشرية المتاحة بأفضل شكل لخدمة المواطنين.
وسجلت الدورية تأخر عدد من الجماعات في تسوية الوضعية القانونية لبعض العقارات المقتناة، وهو ما يحرم الجماعات السلالية من مستحقاتها المالية، داعية إلى تسريع الإجراءات القانونية والمحاسباتية المتعلقة بإبرام عقود البيع وأداء المقابل المالي المستحق.
بهذا التوجه، تضع وزارة الداخلية أسس مرحلة جديدة في تدبير المال المحلي، تقوم على الانضباط المالي، الشفافية، والفعالية في إنجاز المشاريع ذات الأولوية، بعيداً عن كل مظاهر التبذير أو سوء التقدير المالي.

