عثمان حليم
رغم أن مدينة بني ملال لطالما حملت لقب “مدينة المياه والأشجار”، فإن واقعها الحالي يناقض تمامًا هذه الهوية البيئية التي ارتبطت بها لعقود. المدينة، التي تزخر بمؤهلات طبيعية وسياحية فريدة، تُعاني اليوم من خصاص مهول في المساحات الخضراء والمرافق البيئية، في ظل صيف شديد الحرارة، وغياب متنفسات كافية تُمكِّن الساكنة من قضاء أوقات مريحة خارج بيوتهم.
في النهار، يلجأ أغلب السكان إلى المكوث داخل منازلهم بسبب شدة الحرارة وغياب الفضاءات المظللة والمريحة. أما في المساء، وعندما تنخفض درجات الحرارة نسبيًا، يخرج المواطنون باحثين عن أماكن للترفيه والراحة، فلا يجدون سوى فضاءات محدودة، إما متهالكة أو غير قادرة على استيعاب الكم الهائل من المرتادين.
عدد من الحدائق في المدينة تعيش وضعًا كارثيًا؛ فحديقة شارع محمد السادس مثلًا أصبحت مجرد مساحة مهجورة لا تقوم بدورها، وحديقة الذهب الأولمبي تراجعت حالتها بشكل كبير، إلا أن بادرة إعادة تأهيلها بميزانية قدرها مليار و200 مليون سنتيم من طرف ولاية الجهة تبقى خطوة مشكورة وتبعث على الأمل، خصوصًا إذا تم تنفيذها بمعايير بيئية وسياحية حديثة.
الحديقة المجاورة للمدار في طريق تادلة تعرف اكتظاظًا كبيرًا يوميًا، ما يُبرز حاجةً ملحّة لتوسعتها، كما يطالب المواطنون بإحداث حديقة في الضفة الأخرى من المدار، لتكون متنفسًا إضافيًا يُخفّف الضغط ويُوزّع الساكنة بشكل عادل.
من المطالب الحيوية كذلك التي يرفعها أبناء المدينة، ضرورة خلق منتزه ترفيهي ومساحات خضراء في طريق مراكش، قرب منطقة الفروسية، لما لها من موقع استراتيجي يمكن أن يُحوَّل إلى قطب بيئي وسياحي يسهم في تجديد وجه المدينة وتحسين جودة الحياة.
زياتين عين أسردون تمثل ثروة طبيعية وتراثًا بيئيًا يجب الحفاظ عليه. هذا الفضاء الممتد على أكثر من 100 هكتار يُمكن أن يتحوّل، إذا توفرت الإرادة، إلى أكبر حديقة في المغرب. مشروع بيئي وسياحي متكامل سيوفر متنفسًا واسعًا للساكنة، وسيجذب الزوار من مختلف أنحاء الوطن، مع الحفاظ على التوازن البيئي للمنطقة، بل وتحويلها إلى نموذج وطني في التهيئة البيئية المستدامة.
مشروع ربط عين أسردون بجبل تصميت عبر تلفريك، هو حلم حقيقي يراود ساكنة بني ملال، وسيجعل من الموقع قبلة سياحية وطنية ودولية. المشروع من شأنه أن يرفع من جاذبية المدينة، ويوفّر فرص عمل، وينشط السياحة الجبلية والطبيعية. كما أن تأهيل فضاءات مهمة كمنتزه الفريكو، سيساهم في توزيع الفضاءات البيئية والترفيهية بشكل منصف داخل المجال الحضري.
نحن أبناء مدينة بني ملال، نوجّه نداءً صادقًا إلى السيد محمد بنريباك، والي جهة بني ملال-خنيفرة، والسيد عادل البراكات، رئيس جهة بني ملال-خنيفرة، والسيد محمد أوهنين، رئيس المجلس الإقليمي لبني ملال، والسادة أعضاء المجلس الجماعي لبني ملال، من أجل الترافع الجاد والفوري لتوسيع منتزه عين أسردون، وجعله أكبر منتزه بيئي على المستوى الوطني، مع تثمين زياتينه ومؤهلاته الطبيعية، وتهيئته بمرافق حديثة في مستوى طموحات الساكنة، من بينها مسرح في الهواء الطلق، فضاءات عائلية، ممرات رياضية، مسالك سياحية، ومرافق خدمية وترفيهية متكاملة.
كما نناشدهم بالإسراع في تأهيل باقي المساحات الخضراء داخل المدينة، وإنجاز حدائق جديدة بمواصفات عصرية في مختلف المداخل، لتكون بني ملال في مستوى تطلعات ساكنتها، وتستعيد صورتها كمدينة خضراء تحتضن أبناءها وتستقطب زوارها