يقين 24
عاد موضوع غلاء الخدمات السياحية بالمغرب إلى واجهة النقاش السياسي، بعدما وجدت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، نفسها أمام انتقادات لاذعة خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، أمس الإثنين، بسبب ما اعتبره برلمانيون “ارتفاعاً غير مبرر” في الأسعار مقابل “تدهور مقلق” لجودة الخدمات.
النائب البرلماني عمر أعنان، عن الفريق الاشتراكي، قال إن الوزارة تقدّم برامج وخططاً، بينما الواقع يضع المواطن المغربي أمام تكاليف سياحية “تفوق قدرته بكثير”، مع خدمات “لا ترقى إلى الحد الأدنى من الجودة”، على حد تعبيره. وأبرز أن هذه الوضعية دفعت عدداً من الأسر إلى البحث عن بدائل خارج الوطن لقضاء عطلتها، وهو ما يحرم السياحة الداخلية من رافعة أساسية للنمو.
وأشار أعنان إلى أن جهة الشرق تعيش “تهميشاً مزمنًا”، رغم ما تتوفر عليه من مؤهلات طبيعية وبحرية وجبلية وواحية وثقافية. واعتبر أن مدينة السعيدية أصبحت الوجهة الوحيدة تقريباً في المنطقة، رغم ضعف مستوى خدماتها وغلاء أسعارها وتدهور بنيتها التحتية.
ولم يخفِ البرلماني انتقاده لما سماه “هدر” 147 مليون درهم على مشروع “الزبناء السريين”، موضحاً أن هذا المبلغ كان بإمكانه أن يغيّر بشكل ملموس واقع التكوين السياحي بالمنطقة، خصوصاً بالنسبة للشباب الذين لا يجدون فرصة عمل إلا خلال أشهر الصيف.
من جهتها، أكدت الوزيرة عمور أن خريطة الطريق “السياحة 2026-2023” أولت اهتماماً كبيراً للسياحة الداخلية، من خلال تطوير منتجات سياحية جديدة بأسعار تراعي القدرة الشرائية للمغاربة. وأضافت أنه يتم العمل على إنشاء منتجعات موجهة للعائلات، وتشجيع السفر خارج فترة الذروة، لتخفيف الضغط عن عطلة الصيف وضبط الأسعار.
كما شددت الوزيرة على أن ارتفاع الأثمنة يبقى “مرتبطاً بقاعدة العرض والطلب”، مبرزةً أن جهة الشرق تعرف خلال فصل الصيف ضغطاً كبيراً بسبب محدودية العرض المتاح، وهو ما يؤدي تلقائياً إلى ارتفاع الأسعار. وأكدت أن تحسين الوضع رهين بتوسيع العرض السياحي طيلة السنة، وهو ما تعمل عليه الوزارة عبر الاستثمار في السياحة الجبلية، والسياحة الطبيعية، والرحلات الخارجية، والصحراء والواحات.
وأضافت عمور أن الوزارة تعمل على تسريع تنزيل القانون رقم 88 المتعلق بالمؤسسات السياحية، بهدف تأطير القطاع وضمان جودة خدمات أفضل، إلى جانب إطلاق حملات تحسيسية بتنسيق مع المهنيين، ومواصلة عمليات المراقبة الميدانية.
في المقابل، لا يزال سؤال الجودة والأسعار يطرح نفسه بقوة، في ظل تعالي الأصوات المطالبة بإصلاحات جذرية تعيد الثقة للسائح المغربي وتضمن له حقه في خدمات سياحية محترمة وبأثمان معقولة.

